للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- يقول: "إنه - صلى الله عليه وسلم - احتوى على صفات جمالية ظاهرية وباطنية لا تدخل تحت حصر، وصفات جلالية كذلك، وقد كبر في ذلك العارفون قديمًا وحديثًا، كحسان بن ثابت وكعب من الصحابة - رضي الله عنهم - والبوصيرى (١) وغيره، ولم يقفوا على حد.

وبالجملة فيكفينا في جماله وجلاله قول الله عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] وقوله أيضًا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] " (٢)

ولو اكتفى بهذا لكان حسن ولكنه جعل التغنى بهذه الصفات والتأمل فيها ليس فقط على وجهها الحقيقى ولكن مع ما أسبل عليها من مظاهر الغلو السابقة هو المقصد الأسمى من الإيمان بالرسول وأعظم الطرق التي ينال بها القرب من المولى تعالى، يقول: "ومعلوم أن من ذاق لذة وصال المصطفى ذاق لذة وصال ربه، لأن الحضرة واحدة، ومن بلغ الوسيلة شهد المقصد ومن فرق بين الوصالين لم يذق للمعرفة طعمًا، وإنما العارفون تنافسوا في محبة الله ورسوله، فمنهم من طلب الوصال بالتغزل في الوسيلة كالبوصيرى، ومنهم من طلبه بالتغزل في المقصد كابن الفارض وأمثاله، ولما كان من أعظم أسباب الوصل التعلق بصفات الحبيب وبكثرة الصلاة عليه حتى يصير خياله بين عينيه أينما كان وضع صاحب دلائل الخيرات صورة الروضة الشريفة لينظر فيها عند صلاته على الحبيب، فينتقل مما فيها إلى تصور ما فيها، فإذا كرر ذلك مع كثرة الصلاة صار المخيل محسوسًا".

- وكان من جملة ما حمله عليه غلوه أن جعل إرادة الثواب من الصلاة عليه ليست هي مطلوب العارفين، يقول: "وليس مقصود العارفين بكثرة الصلاة على


(١) هو محمد بن سعيد بن حماد بن محسن الصنهاجى، ولد في بهشيم من أعمال البهنساوية من أعلام التصوف كان صاحب علم وأدب ولكن حاد به ميله إلى التصوف عن جادة الصواب له ديوان يسمى البردة في مدح الرسول خرج به تصوفه في الكثير منه عن جادة الاعتدال توفى سنة: ٦٩٦ في الإسكندرية. انظر ترجمته في: شذرات الذهب: (٥/ ٤٣٢) والأعلام للزركلى: (٦/ ١٣٩).
(٢) حاشية الصلوات الدرديرية: ٤٩.

<<  <   >  >>