للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان حال الصحابة - رضي الله عنهم - مع عظيم محبتهم له - عليه الصلاة والسلام -، لأعظم شاهد يشهد بمخالفة ما ذكر الصاوي، فهذا الصحابى الجليل الذي يطلب مصاحبة الرسول في الجنة، يحثه - عليه الصلاة والسلام - على كثرة السجود، ففى الحديث الصحيح أن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال لي: سل. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك. قال: فأعنى على نفسك بكثرة السجود) (١)

وكانت الصلاة عليه من جملة الأعمال الموجبة لنيل القرب منه - عليه الصلاة والسلام -، فقد ورد في الحديث الشريف أنه قال: (أولى الناس بى يوم القيامة أكثرهم على الصلاة) (٢)

- وما ذكره من أن الكمل هم الذين لا يبتغون بصلاتهم عليه - صلى الله عليه وسلم - الأجر والمثوبة، فحقيقته متابعة للصوفية في ادعاءاتهم الباطلة، وتظهر مخالفته للمعلوم من كلام الله ورسوله من عدة وجوه؛ كان منها ما دل عليه حديث المصطفى - عليه الصلاة والسلام - الذي أخبر فيه عن شكره لله تعالى بأداء السجود على ما جعل من ثواب الصلاة عليه، فعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتبعته حتى دخل نخلًا فسجد فأطال السجود حتى خفت أو خشيت أن يكون الله قد توفاه أو قبضه قال: فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: مالك يا عبد الرحمن؟ قال فذكرت ذلك له. قال: فقال: (إن جبريل قال لي ألا أبشرك؟ إن الله عز وجل يقول: من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه). (٣)


(١) أخرجه مسلم في: كتاب الصلاة - باب فضل السجود والحث عليه: (٤/ ٢٠٦).
(٢) أخرجه الترمذي في: كتاب الوتر - باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم الحديث: ٤٨٤ وقال: حديث حسن غريب: (٢/ ٣٥٤).
(٣) أخرجه أحمد في المسند من حديث عبد الرحمن بن عوف، رقمه: ١٦٦٢. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح: (٢/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>