للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرورة من حال الأنبياء في دعوتهم الأمم العناية بأمر التوحيد ونبذ الشرك وأهله، وأيضًا الاهتمام بمصالح الأفراد وذلك بالحث على التمسك بفضائل الأعمال والأقوال، وكان هذا المسلك في تقرير النبوة هو حقيقة ما استند إليه النجاشي في التصديق برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: [إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة]. (١)

وفى هذا المعنى يقول شيخ الإسلام "وقد علم جنس ما جاءت به الأنبياء والمرسلون وما كانوا يدعون إليه ويأمرون به، ولم تزل آثار المرسلين في الأرض ولم يزل عند الناس من آثار الرسل ما يعرفون به جنس ما جاءت به الرسل ويفرقون به بين الرسل وغير الرسل" (٢)

وإن مما يتعلق بشأن الدعوة ما يترتب عليها من نتائج تظهر محكمة في حال المدعين فإنه من أصدق ما يستدل به على صدق مدعى الرسالة استمرار شأنها بعلو أتباعها ونصرتهم وخذلان أعدائها وضعتهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يوسف: ١٠٩].

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -؛ استدلالًا بهذه الآية الكريمة على هذا المسلك: "ومثل هذا في القرآن متعدد، ففى غير موضع يذكر الله تعالى قصص رسله ومن آمن بهم وما حصل لهم من النصر والسعادة وحسن العاقبة، وقصص من كفر بهم وكذبهم وما حصل لهم من البلاء والعذاب وسوء العاقبة، وهذا من أعظم الأدلة والبراهين على صدق الرسل وبرهم، وكذب من خالفهم وفجوره. كمن شاهد أصحاب الفيل وما أحاط بهم ومن شاهد آثارهم بأرض الشام واليمن والحجاز وغير ذلك" (٣)


(١) رواه أحمد في المسند من حديث جعفر بن أبي طالب، رقمه: ١٧٤٠، قال عنه الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح": (٢/ ٣٥٤).
(٢) الأصفهانية: ١٥٩.
(٣) الأصفهانية: ١٧٦. وانظر: النبوات: ٣٧.

<<  <   >  >>