وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت: رجل يطلب ملك أبيه.
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف عنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل.
وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم.
وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك بما يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًا فسيملك موضع قدمى هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه، لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه" (١).
هذا وقد أفرد الصاوي القرآن الكريم بالذكر، كدليل صادق في إثبات نبوة المصطفى - عليه الصلاة والسلام -، والحق أن مسلك الاستدلال بالقرآن يرجع إلى الجمع بين الاستدلال بالمعجز وبين الاستدلال بحال الدعوة، أي بما تضمنه من أخبار وعلوم حوت مبادئ الدين الذي أنزل ليكون دستورًا له حافظًا لمقومات بقائه من الأصول والمبانى التي لا قوام له إلا بها، مع كونه قد حصل به الإعجاز التام وذلك
(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الوحي - كيف كان بدأ الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم الحديث: ٧.