للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: "المقصود من هذا الكلام الرد على منكرى البعث؛ حيث ادعو أنه مستحيل.

وحاصل الرد أن يقال لهم: إن استحالته التي تدعونها؛ إما لعدم مادة وهو مردود بأن غاية الأمر تصير الأجزاء ترابًا، وهو قادر على أن ينزل عليه ماء فيصير طينًا؛ وقد خلق أباهم آدم من طين.

أو لعدم القدرة؛ وهو مردود بأن القادر على هذه الأشياء العظام من السموات والأرض وغيرهما؛ قادر على إعادتهم ثانيًا، وقدرته ذاتية لا تتغير، فهذه الآية نظير قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: ٢٧] " (١)

خامسًا: ولا يغفل الصاوي - كما هو معهود منه؛ وهو الفقيه المجتهد - جانب بيان الحكمة من إرادة الله تعالى لذلك اليوم (٢)، ففى تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: ١٦].

يقول: "هذا دليل على صحة الحشر ووقوعه، وذلك أن الله تعالى خلق النوع الإنساني، وخلق له ما في الأرض جميعًا، وكلفه الإيمان والطاعة؛ فآمن البعض وكفر البعض، وختم الله في سابق أزله أن النعيم للمؤمن، والعقاب للكافر، وذلك لا يكون في الدنيا لعدم الاعتداد بها؛ فحينئذ لا بد منه لتجزى كل نفس بما كسبت". (٣)

"وهذا كله لإظهار العدل؛ فحيث لم يترك غير العقلاء، فكيف بالعقلاء؟ فلا بد من الحشر والحساب والجزاء، إما بالعدل وإما بالفضل" (٤)

* * *


(١) المرجع السابق: (٣/ ٣١٣).
(٢) وسيأتي بيان موقفه من الحكمة وأن غالب آرائه فيه تدل على تأرجحه بين النفى والإثبات مع ميل ملحوظ إلى إثباتها: ٥٧٨.
(٣) حاشية الجلالين: (٤/ ٦١).
(٤) المرجع السابق: (٢/ ١٣).

<<  <   >  >>