للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية والعربية بعيدة عن أن تمتد إليها يد الملوك والحكام بالتغيير والتبديل؛ فقد كان فيه رجال يلتهبون غيرة على الإسلام ويجابهون أعداءه في الداخل والخارج بكل جرأة (١).

إذ يرى المؤرخون أن الأزهر أسدى للعالم الإسلامى في تلك الحقبة أجل الخدمات، إذ لولاه لانهار الفكر الإسلامى انهيارًا كان يمكن أن يهدد بالخطر، يقول أحد الباحثين مصورًا فضل الأرهر في تلك الحقبة: "استطاع الأزهر في تلك الأحقاب المظلمة أن يسدى إلى اللغة العربية والعلوم الإسلامية أجل الخدمات، وإذا كانت مصر قد لبثت خلال العصر التركى ملاذًا لطالب العلوم الإسلامية واللغة العربية، فكبر الفضل في ذلك عائدًا إلى الأزهر.

وقد استطاعت مصر لحسن الطالع بفضل أزهرها أن تحمى هذا التراث نحو ثلاثة قرون حتى انتهى العصر التركى بمحنه وظلماته، وربما كانت هذه المهمة السامية التي ألقى زمامها إلى الجامع الأزهر في تلك الأوقات العصيبة من حياة الأمة العربية والعالم الإسلامى بأسره، هي أعظم ما أدى الأزهر من رسالة وأعظم ما وفق لإسدائه لعلوم الدين واللغة خلال تاريخه الطويل الحافل" (٢).

وعلى الرغم من تضاؤل نفوذ الأزهر والعلماء في عصر محمد على بسبب اهتمام الحاكم والحكومة بالعلوم الحديثة التي ينشأ عنها الإصلاح والتقدم المادى في المجتمع، وما لاقاه الأزهريون بعد سقوط زعيمهم الكبير عمر مكرم - كما تقدم بيانه - وما وجه إليه من ضربات حاقدة من المستعمر بدءً بالمحاولات الجادة في استمالة علمائه ومشايخه؛ وانتهاءً بضربه بالقنابل من القلعة واتخاذ بعض أروقته اصطبلًا للخيل؛ فقد ظل للأزهر بنوابغ رجاله دور هام في الحياة التعليمية والاجتماعية، فقد أفادت الحكومة من الأزهر بعمل نوابغ رجاله في المدارس


(١) حاضر العالم الإسلامى، د/ جميل المصرى: ١٨٣.
(٢) تاريخ الجامع الأزهر، محمد عبد الله عنان: ١٤٦ - ١٤٧.

<<  <   >  >>