للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وقال السادة الشافعية: إنها جسم لطيف شفاف، حى لذاته، مشتبك بالأجسام الكثيفة اشتباك الماء بالعود الأخضر على هيئة جسد صاحبها، واحتجوا لهذا بوصفها بالهبوط، والعروج، والتردد في البرزخ" (١).

وقال العز بن عبد السلام (٢): إن في كل جسد روحين:

أحدهما: روح الحياة؛ التي أجرى الله العادة بأنها إذا كانت في الجسد كان حيًا، فإذا فارقته مات، فإذا رجعت إليه حيى، ولا يعلم مقرها إلا من أطلعه الله على ذلك.

والأخرى روح اليقظة؛ التي أجرى الله العادة بأنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان متيقظًا، فإذا خرجت منه نام الإنسان، ورأت الروح المنامات" (٣).

"ويشهد له آية الزمر، قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢]، ويقرب هذا أحوال الأولياء لأن لهم حالة تسرح فيها أرواحهم وترى العجائب كالنائم".

والمشهور أنها روح واحدة، ويكون معنى يتوفاكم؛ يذهب شعوركم، لأنهم عرفوا النوم؛ بأنه فترة طبيعية تهجم على الشخص قهرًا عليه، تمنع حواسه الحركة، وعقله الإدراك" (٤).

وهو بهذا يرجح عدم تقسيم الروح، فيقول في موضع آخر "والروح شيء واحد


(١) المرجع السابق: (٢/ ٣٣٨).
(٢) هو عز الدين شيخ الإسلام وسلطان العلماء أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن الحسن الدمشقي المصري الشافعي، ولد سنة: ٥٧٨ هـ تفقه على ابن عساكر وقرأ الأصول على الآمدي وبرع في هذين العلمين كما جمع بين علم التفسير والحديث، حتى بلغ رتبة الاجتهاد وقصده طلاب العلم من أقطار البلاد، صنف كتبًا عديدة في مختلف الفنون، منها: الإلمام بأدلة الأحكام، وقواعد الشريعة، وبداية السول في تفضيل الرسول، توفى - رحمه الله - سنة: ٦٦٠ هـ، انظر: شذرات الذهب: (٥/ ٣٠١)، وطبقات الشافعية لابن الصلاح: (١/ ٥٤٩). والأعلام: (٤/ ٢١).
(٣) حاشية الجوهرة: ٥٨.
(٤) حاشية الجلالين: (٢/ ١٩).

<<  <   >  >>