للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على التحقيق، وذلك القبض ظاهرًا بحيث ينعدم التمييز والإحساس، وباطنًا بحيث تنعدم الحياة والنفس والحركة" (١).

وفي بيان حقيقتها نراه يتوقف مستدلًا بما ورد في القرآن الكريم، يقول: "اعلم أنه اختلف في الروح، فقال قوم: إنها سر من أسرار الله تعالى لم يطلع عليها أحدًا، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] وهذا القول هو الحق، فيكره الخوض في الروح" (٢)

وعند تفسير هذه الآية الكريمة، يقول: "أي مما استأثر الله بعلمه وهذا هو الصحيح، وقيل: الروح هي الدم، وقيل: النفس، ونقل عن بعض أصحاب مالك أنها صورة كجسد صاحبها، وفي الآية اقتصار على وصف الروح كما اقتصر موسى في جواب قول فرعون: وما رب العالمين؟ على ذكر صفاته، فإن إدراكه بالكنه على ما هو عليه لا يعلمه إلا الله" (٣)

وإذا كان الراجح لديه كما هو واضح من أقواله رد علمها حقيقة إلى الله تعالى في الأصل، فإنه يرى أن ذلك مما يدخل أيضًا في علم رسوله - عليه الصلاة والسلام -، يقول: "واختلف فيها على ثلاثمائة قول، والحق لا يعلمها غير الله ورسوله" (٤)

أما عن مكانها في الجسم فقد يوافق ما قيل: في أن "مقرها القلب، وشعاعها مقوم للجسد كالشمعة الكائنة وسط آنية من زجاج، فأصلها في وسطه، ونورها سار في جميع أجزائه" (٥)

وكان قبض الروح من المسائل التي اعتنى بها الصاوي، فيبين معنى القبض ومن المتكفل بهذا، فيقول: "ويقبض الروح أي يخرجها عزرائيل - عليه السلام -،


(١) حاشية الجلالين: (٣/ ٣٥١).
(٢) المرجع السابق: (٣/ ٣٥١).
(٣) حاشية الجلالين: (٢/ ٣٣٨).
(٤) حاشية الصلوات: ٦٠.
(٥) المرجع السابق: (٣/ ٣٥١).

<<  <   >  >>