للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول في موضع آخر: "أما بعد الموت فأرواح الأنبياء في الجنة، وأرواح الشهداء في حواصل طيور خضر في الجنة، وأرواح المطيعين غير الشهداء بأفنية القبور في البرزخ، وحده من أفنية القبور إلى باب الجنة، وأرواح الكفار ببئر برهوت بحضرموت" (١)

وفى بيان علاقة الروح في الجسد بعد مفارقتها إياه، يقول: "وأما أجسادهم فمحلها القبور، غير أن الأرواح لها تعلق بها، فلذلك لا يحصل لأجسادهم بلاء، فأرواحهم لها جولان عظيم من البرزخ إلى أعلى السموات إلى داخل الجنان والطيور الخضر لها كالهوادج مع كونها متصلة بجسم صاحبها وما وصل للروح من النعيم يحصل للجسم أيضًا، وذلك نظير النائم، فإن النائم يرى أن روحه في المشرق أو في المغرب مع كونها متصلة بجسمه، وكالأولياء الذين أعطاهم الله التصريف، فإن الواحد منهم يكون جالسًا في مكان، وروحه تسرح في أمكنة متعددة، وربك على كل شيء قدير" (٢)

* * *

ثانيًا: الموت:

كان قبض الروح ومفارقتها الجسد هو حقيقة الموت الذي أخبر المولى تعالى عنه بالخلق، لذا فإن الصاوي يفصل القول في بيان معناه، ففى تفسير قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: ٢] يعرض الصاوي ما قيل في تعريفه على جهة التحقيق، يقول: اختلف في الموت والحياة، فحكى عن ابن عباس، والكلبى، ومقاتل أن الموت والحياة جسمان، فالموت على هيئة كبش أملح لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء، وهى التي كان جبريل - عليه السلام - والأنبياء - عليهم السلام - يركبونها، خطوتها مد البصر


(١) حاشية الجوهرة: ٥٨.
(٢) حاشية الجلالين: (١/ ١٧٩). وقد تقدم بيان بطلان هذا الذي وصف به أرواح الأولياء من حيث التصريف في مبحث التوحيد، انظر: ١٦٩، كما أنه سيأتي القول فيه أيضًا في مبحث الولاية بإذن الله: ٧٧٨.

<<  <   >  >>