للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوق الحمار ودون البغل، لا تمر بشيء ولا يجد ريحها إلا حيى، وهى التي أخذ السامرى من أثرها ترابًا فألقاه على العجل فحيى، فعلى هذا الحياة والموت أمران وجوديان وتقابلهما من تقابل الضدين، وقيل: الموت عدم الحياة، فتقابلهما من تقابل العدم والملكة" (١).

وكان هذا منه عند سبر ما قيل فيه من أقوال، أما عند تعريفه فيرى أن الموت: "عرض يضاد الحياة ليس بعدم محض، وإنما هو انتقال من دار إلى دار، فكل من مات فقد انتقل من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ" (٢).

ولما كان الحديث عن الموت من جملة ما ورد خبره في الكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يقرر الصاوي أن "التصديق بالموت واجب" مستدلًا بقوله تعالى: " {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠].

وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] " (٣)

ويبقى معرفة مكانه وما يقع عليه، فإذا تقرر وجوب حكمه فعلى أي الأجزاء يقع؟ أعلى الروح؟ أم الجسم؟ وللإجابة على هذا السؤال المتبادر إلى الأفهام: "يقول: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} المعنى كل روح ذائقة الموت لجسمها، وإلا فالروح لا تموت، وعموم الآية يشمل حتى الشهداء والأنبياء والملائكة".

وتأكيدًا لما سبق بيانه فإنه يورد اعتراضًا مع الإجابة عليه، قد يفهم من نفى حكم الموت على من مات شهيدًا، كما صرحت بذلك الآيات الكريمة، يقول: "وأما قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] فمعناه ترد بعد خروجها لهم وكذلك الأنبياء والملائكة، وأما ما عداهم فلا ترد لهم إلا عند النفخة الثانية". (٤)


(١) المرجع السابق: (٤/ ٢١٤).
(٢) حاشية الجوهرة: ٥٦.
(٣) المرجع السابق: ٥٦.
(٤) حاشية الجلالين: (١/ ١٨٢).

<<  <   >  >>