للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن في تعميمه هذا نظر؛ حيث يرى أن الخضر - عليه السلام - حى ولا يزال حيًا إلى يوم القيامة، يقول في ذلك: "والجمهور على أنه حى إلى يوم القيامة - لشربه من ماء الحياة - يجتمع به خواص الأولياء ويأخذون عنه" (١)

وعودًا إلى ما سبق بيانه من تأكيد الحياة البرزخية وإحقاقها لكل نفس، يقول: وإذا ثبت عود الروح إلى الجسد بعد مفارقتها إياه فإن "الأموات لا تعود أجسامهم في الدنيا بأرواحهم كما كانوا أبدًا، وإنما يبعثون يوم القيامة لا فرق بين الأنبياء وغيرهم، وما ورد عن بعض الصالحين من أنهم يجتمعون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة، فالمراد أن روحه الشريفة تشكلت بصورة جسده الشريف، وكذا يقال في الأولياء والشهداء، لان أرواح المطيعين مطلقة غير محبوسة، وأما الكفار فأرواحهم محبوسة لا تسعى في الملكوت" (٢)

ويذكر حال الكافر عند نزع روحه، فيقول في تفسير قوله تعالى: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: ٥٥] إشارة إلى أنهم يعلمون كفرهم قبل موتهم ويشاهدون الأماكن التي أعدت لهم في نظيره، فمن حيث تلك المشاهدة تزهق أرواحهم وهم كافرون كارهون، بخلاف المؤمن فإنه يشاهد مقعده من الجنة، ولا تخرج روحه إلا وهو كاره للدنيا محب للآخرة". (٣)

* * *

تعليق:

أولًا: حقيقة الروح:

لقد كانت معرفة الروح معرفة حقيقية تجلو ما يحيط حول حقيقتها من استفسار، مما قد استأثر الله تعالى بعلمه، وهذا ما دل عليه قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، يقول الإمام ابن كثير


(١) المرجع السابق: (٣/ ١٩).
(٢) المرجع السابق: (٣/ ١١٧).
(٣) حاشية الجلالين: (٢/ ١٥١).

<<  <   >  >>