للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عن اجتماع الخضر بالأولياء؛ فهذا مما لا شيء يسنده سوى ترهات الصوفية، وإن كان مما اشتهر عنه الحديث بين العوام وكثير من العباد، (١) وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - حين سئل: عن تعمير الخضر وإلياس وأنهما باقيان يريان ويروى عنهما: من أحال على غائب لم ينصف منه، وما ألقى هذا إلا شيطان" (٢)

وهذا ما رده أيضًا ابن حزم - رحمه الله - وبين مخالفته للثابت من نصوص الكتاب والسنة، يقول: "وسلك هذا السبيل بعض الصوفية فزعموا أن الخضر وإلياس - عليهما السلام - حيان إلى اليوم، وادعى بعضهم أنه يلقى إلياس في الفلوات والخضر في المروج والرياض، وأنه متى ذكر حضر على ذكراه".

قال أبو محمد: فإن ذكر في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها وفي ألف موضع في دقيقة واحدة كيف يصنع؟

ولقد لقينا من يذهب إلى هذا خلقًا وكلمناهم منهم المعروف بابن شق الليل المحدث بطلبيره، وهو مع ذلك من أهل العناية وسعة الرواية، ومنهم محمد بن عبد الله الكاتب، وأخبرني أنه جالس الخضر وكلمه مرارًا، أو غيره كثير.

هذا مع سماعهم قول الله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠].

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا نبى بعدى) (٣) فكيف يستجيزه مسلم أن يثبت بعده - عليه السلام - نبيًا في الأرض حاشا ما استثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الآثار المسندة الثابتة في نزول عيسى بن مريم - عليه السلام - في آخر الزمان (٤).


(١) انظر: ما رواه اللالكائي في كرامات الأولياء، حيث ذكر في: "سياق ما روى في كرامات أبي حفص عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - رؤيته للخضر - عليه السلام -، يقول: عن رياح بن عبيدة قال: رأيت رجلًا ماشى عمر بن عبد العزيز معتمدًا على يديه فقلت في نفسي: إن هذا الرجل جافٍ قال: فلما انصرف من الصلاة قلت: من الرجل الذي كان معتمدًا على يدك آنفًا قال: فهل رأيته يا رياح قلت: نعم قال: ما أحسبك إلا رجلًا صالحًا ذاك أخى الخضر بشرني أنى سألى وأعدل": ١٦٨ - ١٦٩.
(٢) مجموع الفتاوى: (٤/ ٣٣٧).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الأنبياء - باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم الحديث: ٣٢٦٨.
(٤) الفصل في الملل: (٤/ ١٣٨).

<<  <   >  >>