للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنه يرى استثناء بعض من لا يجوز عليهم الإعادة من العدم؛ لورود الأدلة الثابتة بذلك، يقول في موضع آخر عن مفهوم الإعادة: "يصير الجسم معدومًا بالكلية، كما كان قبل وجوده، قال تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}.

وهذا القول هو المعتمد "أما من لا تأكل الأرض أجسامهم؛ فيصح فيهم اجتماع المتفرق:

لا تأكل الأرض جسمًا للنبي ولا ... لعالم وشهيد قتل معترك (١)

ولا يعني - عنده - أن الخلق من العدم يتحصل به المغايرة في الأجساد أو الأرواح؛ لأن قوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} يؤكد عدم اختلاف الماهية مع الإعادة، يقول في تفسير الآية: "يعيدكم أحياء بالأرواح والأجساد بعينها" (٢).

ثالثًا: هيئات الناس عند البعث:

ومع مساواة الناس في تحقق الوعد عليهم بالحشر، إلا أنهم يختلفون في صفته أشد الاختلاف، يقول في تفسير: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: ٨٥]: "ورد أن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحًا، فيقول هل تعرفنى؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك الصالح، فاركبنى؛ فقد طالما ركبتك في الدنيا، فذلك قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} يعني ركبانًا، وأما الكافر، فيستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحًا، فيقول: هل تعرفنى؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك الخبيث، طالما ركبتنى في الدنيا؛ فأنا أركبك، فذلك قوله تعالى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الأنعام: ٣١] " (٣).

وتكون هيئة الناس عند حشرهم "حفاة عراة وذلك عند الحساب".


(١) حاشية الجرهرة: ٦٠. وحاشية الخريدة: ١٠٥. وانظر: حاشية الجلالين: (٣/ ٨٥).
(٢) حاشية الجلالين: (٢/ ٦٦).
(٣) حاشية الجلالين: (٢/ ١٠).

<<  <   >  >>