للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد حكى الحافظ ابن حجر - رحمه الله - الإجماع على أن النافخ في الصور هو إسرافيل - عليه السلام -، ومع ذلك فقد ضعف جميع الروايات التي ذكر فيها تسميته. (١)

وهذا ما رجحه الإمام الطبري عند عرضه ما قيل فيه من أقوال؛ وكان مستنده في ذلك الحديث السابق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

وقد بينت الأحاديث الشريفة هيئة ذلك الملك الكريم، في تأهبه التام لتلقى الأمر بالنفخ فيه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كيف أنعم؛ وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ! قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله ربنا) (٣)

أما عن عدد النفخات، فالواضح من كلام الصاوي اعتقاد أنها نفختان، لا ثالث لهما: نفخة الصعق، ونفخة البعث والنشور.

وقد اختلفت العلماء في عددها على وجه التحقيق؛ فالقائلون بأنها ثلاث فرقوا بين الفزع والصعق، وفسروا قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧]؛ بأنها نفخة الفزع التي تليها نفخة الصعق، أما من ذهب إلى أنها نفختان؛ جعلوا الصعق والفزع واحدة وبعدها نفخة البعث والنشور.

ولعل القول بأنها نفختان آكد الدلالة لحديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا، قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق، ويصعق الناس، ثم يرسل الله، أو قال ينزل الله


(١) انظر: فتح الباري: (١١/ ٣٦٨). وانظر: ما تقدم من مبحث الملائكة: ٣٤١.
(٢) انظر: جامع البيان: (٧/ ٢٤١).
(٣) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب التفسير من سورة الزمر، برقم: ٣٢٤٣ وقال: حديث حسن: (٥/ ٣٧٤). وصححه الألباني في صحيح الترمذى برقم: ٢٥٨٥: (٣/ ١٠٠).

<<  <   >  >>