للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعادة، فقد شوهد إلى هذا اليوم من تفتح قبورهم من العلماء ولم تتغير أجسادهم؛ كالشهيد تمامًا.

وقد استند الإمام ابن عبد البر في استثناء الشهيد تبعًا للأنبياء إلى ما وقع للصحابة الكرام وشوهد حين نقلت أجسادهم بعد ست وأربعين سنة، فاعتبر أن تعميم الحكم الوارد في حديث عجب الذنب مما يدخله الخصوص، بدلالة خروج الأنبياء من عمومه، ومن جهة أخرى فإنه استدل لذلك بدليل الإمكان العقلي فإنه إذا جاز أن يمتنع على الأرض أكل العجب كان الشهداء في ذلك من باب أولى لما شوهد من خبرهم، يقول: "وظاهر هذا الحديث وعمومه يوجب أن يكون بنو آدم كلهم في ذلك سواء، إلا أنه قد روى في أجساد الأنبياء والشهداء أن الأرض لا تأكلهم، وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم، وهذا يدل على أن هذا لفظ عموم، ويدخله الخصوص من الوجوه التي ذكرنا، فكأنه قال: كل من تأكله الأرض فإنه لا تأكل منه عجب الذنب وإذا جاز أن لا تأكل الأرض عجب الذنب، جاز أن لا تأكل الشهداء، وذلك كله حكم الله وحكمته" (١) انتهى كلامه - رحمه الله -.

وبناء على ما ذهب إليه - رحمه الله - من جواز التخصيص بطريق المشاهدة فقد زاد غيره الصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن العامل به والمرابط والميت بالطاعون صابرًا محتسبًا والمكثر من ذكر الله والمحبين لله فتلك عشرة كاملة" (٢). والله تعالى أعلم.

ثانيًا: النفخ في الصور:

صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه عرف الصور عندما سأله الأعرابى عنه بأنه: (قرن ينفخ فيه) (٣) وكان تعريف الصاوي له مقاربًا لهذا الحديث أما عن متولى النفخ فيه؛


(١) التمهيد: (١٨/ ١٧٨).
(٢) شرح الزرقاني على الموطأ: (٢/ ٨٤). وانظر: عمدة القارى: (١٩/ ١٤٦).
(٣) أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة - باب في ذكر البعث والصور، رقم الحديث: ٤٧٠٩: (٥/ ٢٤٥) وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم: ٣٩٦٨: (٣/ ٨٩٨) .. وأخرجه الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق - باب ما جاء في شأن الصور، رقم الحديث: ٢٤٣٠، وقال الترمذي: حديث حسن: (٤/ ٥٣٦).

<<  <   >  >>