للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإجلال وقدرة على الخلق والإيجاد، يقول - رحمه الله -: "وهؤلاء - يريد المتكلمين - يريدون بالمادة جوهر باقٍ وهو محل للصورة الجوهرية، فلم يخلق عندهم الإنسان من مادة، بل المادة باقية، وأحدث صورته فيها؛ كما أن الصور الصناعية كصورة الخاتم والسرير والثياب والبيوت وغير ذلك، إنما أحدث الصانع صورته العرضية في مادة لم تزل موجودة لم تفسد، لكن حولت من صفة إلى صفة، فهكذا تقول الجهمية المتكلمة المبتدعة أن الله أحدث صورة عرضية في مادة باقية لم تفسد، فيجعلون خلق الإنسان بمنزلة عمل الخاتم والسرير والثوب، . . . . .، وهم لا يشهدون للرحمن إحداثًا ولا إفناءً، بل إنما يحدث عندهم الأعراض، وهى تفنى بأنفسها لا بإفنائه، وهى تفنى عقب إحداثها" (١).

ويفصل القول في مناقضة قولهم لما هو معلوم بالضرورة والبرهان، فيقول: "الإنسان إذا أكله حيوان آخر، فإن أعيدت تلك الجواهر من الأول نقصت من الثاني وبالعكس.

أما على قول من يقول أنها تفرق، ثم تجمع فقيل له: تلك الجواهر إن جمعت للآكل نقصت من المأكول، وإن أعيدت للمأكول نقصت من الآكل". (٢)

- أما عن استثناء من لا يجوز عليهم العدم والفناء؛ كالأنبياء - عليهم السلام -، فقد أشار الصاوي إلى عدد منهم، حيث ورد في الحديث الشريف أن رسول الله قال: (إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء). (٣)

"أما الشهداء فقد شوهد منهم بعد مدد من دفنه كما هو لم يتغير، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة".

وأما العلماء فقد يكون مستنده في القول بمنع العدم عليهم أيضًا هو المشاهدة


(١) النبوات: ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) النبوات: ١٠٤.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الوتر - باب في الاستغفار، رقم الحديث: ١٥٢٦: (٢/ ٢٩٩). وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم: ١٣٥٥: (١/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>