للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسرع من لمح البصر، وفى الخبر: إن الله يحاسب في قدر حلب شاة، وقيل: هو أنه إذا حاسب واحدًا فقد حاسب جميع الخلق، وقيل لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: كيف يحاسب الله العباد في اليوم؟ قال: كما يرزقهم في يوم" (١)

أما عن تفاصيل الحساب، فقد بينت آيات الكتاب الكريم الهيئات، التي يتأتى بها تناول العباد لصحفهم، فمنهم من يعطى كتابه بيمينه، وهؤلاء هم أهل السعادة، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩].

ومنهم من يؤتى كتابه من وراء ظهره أو بشماله، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٥]، وهؤلاء هم أهل الشقاء والتعاسة أعاذنا الله من حالهم.

وكان ما ذهب إليه الصاوي من استثناء السبعين ألفًا من تناول الصحف، الذين ورد ذكرهم في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: (ليدخلن من أمتى سبعون ألفًا، أو سبعمائة ألف، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر) (٢) فرعًا لنفى الحساب عنهم، وكان الذي ذهب إليه في ذلك فهمًا استنبطه من قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: ١٤]، ومن قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩، ٢٠].

وبناء على ما ثبت "في عدة أخبار عن النبي المختار - صلى الله عليه وسلم - ما كر الليل على النهار: أن طائفة من هذه الأمة بلا ارتياب يدخلون الجنة بغير حساب، فيدخلون جنات النعيم قبل وضع الموازين، وأخذ الصحف بالشمال واليمين" (٣).


(١) الجامع لأحكام القرآن: (٢/ ٤٣٥). وهذا الخبر مما لم يذكر المفسرين سنده، وقد وجدته في عدد منها بلا سند كتفسير النسفي والصاوي وأبي السعود، وفي موسوعة أطراف الحديث النبوي، عزاه السعيد زغلول لتفسير القرطبي كما هو ثبت أعلاه: (٣/ ٢١٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق - باب ما جاء في صفة الجنة, رقم الحديث: ٣٢٤٧.
(٣) لوامع الأنوار: ١٧٦.

<<  <   >  >>