للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك فهو يستدرك ذلك التقسيم؛ لوجود ما يعارضه بنص الكتاب، يقول: "ولكن آيات القرآن شاهدة بأن كل اسم من تلك الأسماء يطلق على ما يعم الجميع؛ لأنه يذكر صفات الكفار بأى وجه، ويعبر عن وعيدهم بأى اسم من هذه الأسماء".

أما عن مكان النار فيرى أنه: "لم يصح في محل النار خبر" (١). (٢)

خلود الجنة والنار:

لقد كان من أهم ما تناوله في الحديث عن الجنة والنار مسألة الخلود، فيرى أنهما "يبقيان بإبقاء الله، خلافًا للجهمية القائلين بفنائهما وفناء أهليهما".

ولما كان رأيه في هذه المسألة قد يظن أنه معارض للاستثناء الوارد في قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: ١٠٧] فسره بأنه "مدة البرزخ والموقف". (٣)

وعند تفسير لهذه الآية الكريمة أجمل ما ورد فيها من أقوال تبين عدم حجية القول بفناء النار أو الجنة استدلالًا بها، فقد استند القائلون بفنائهما إلى تعليق الخلود على دوام السموات والأرض، وكان من المعلوم أنهما إلى فناء وزوال، كما استندوا إلى الاستثناء الوارد، الذي يعلق الخلود على مشيئة الرب تعالى، وكل هذا مما يمكن رده بدلالة الآيات الكريمة نفسها، يقول مفندًا كل هذه الاستدلالات: إنه قد ذكر لها "نحو عشرين وجهًا في التفسير:

- منها أن المراد بالسموات والأرض سقف الجنة والنار وأرضهما.

- ويحتمل الاستثناء في جاب أهل الشقاوة على عصاة الأمة؛ فيكون المعنى خالدين فيها أبدًا إلا عصاة المؤمنين، الذين نفذ فيهم الوعيد، فلا يخلدون أبدًا، بل يخرجون بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والاستثناء حينئذ؛ إما منقطع لعدم دخول هؤلاء في الأشقياء، أو متصل بجعل هؤلاء أشقياء باعتبار، وسعداء باعتبار آخر.


(١) انظر: البدور السافرة في أمور الآخرة حيث ذكر السيوطي عددًا من الأخبار في ذلك: ٤٠٢.
(٢) المرجع السابق: ٦٣. وانظر: حاشية الخريدة: ١٠٩.
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>