للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وقد ذهب الأشاعرة إلى توجيه آخر لذلك الفرق، يقول الإيجى: "واعلم أن قضاء الله عند الأشاعرة هو إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال.

وقدره: إيجاده إياها على قدر مخصوص، وتقدير معين في ذواتها وأحوالها" (١).

٤ - أما الماتريدية؛ فيعرف القضاء على مذهبهم؛ بأنه انقطاع الشيء وتمامه، وعليه فإن الطاعات والمعاصى كلها بقضاء الله، أي بخلقه وتكوينه.

وأما القدر؛ فهو عندهم على وجهين:

أحدهما: الحد الذي يخرج عليه الشيء، وهو جعل كل شيء على ما هو عليه من خير أو شر، من حسن أو قبح، من حكمة أو سفه.

والثانى: بيان ما يقع عليه كل شيء من زمان ومكان، وما له من الثواب والعقاب" (٢).

ومع كل ما تقدم من آراء الصاوي وغيره من العلماء يمكن الخلوص إلى الجادة الوسط، وهى أن العلاقة بينهما شبيهة بالعلاقة بين الإسلام والإيمان، وهذا ما ذكره الصاوي على غير جهة الجزم.

وعليه فلا انفكاك لأحدهما عن الآخر، حتى إذا أفرد أحدهما بالذكر دخل فيه الثاني على جهة التضمن أو التلازم، ولا مشاحة في الإصطلاح.

لذا فإن "جماع القول في هذا الباب؛ أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس، والآخر بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه" (٣).

* * *


(١) المواقف: (٣/ ٢٦١).
(٢) تبصرة الأدلة، أبو المعين النسفى: (٢/ ٧١٦).
(٣) معالم السنن للخطابي: (٥/ ٧٧).

<<  <   >  >>