للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما تعريف الصحابة في الاصطلاح الشرعي، فقد تعددت أقوال العلماء في وضع حد له، يكون جامعًا لأفراده، مانعًا من دخول غيره فيه، من هؤلاء الإمام البخاري - رحمه الله -، فقد قال في تعريفهم: (من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو رآه من المسلمين، فهو من أصحابه) (١)

وأدق ما قيل في هذا الباب وأضبطه ما قرره الحافظ ابن حجر - رحمه الله -، حيث قال: "الصحابى من لقى النبي مؤمنًا ومات على الإسلام" (٢)

وكان تعرف الصاوي للصحابة موافقًا لما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، وإن صحت العبارة يكاد يكون شارحًا له، مفسرًا لمفرداته، وذلك لأن جميع الألفاظ التي زادها فيما ذكر إنما تدخل في القيود التي اشتمل عليها تعريف ابن حجر المذكور.

- فاشتراطه لزمن الرؤية أن يكون بعد البعثة، داخل في مفهوم كلمة "مؤمنًا به"؛ لأنه قد علم بالضرورة عدم التكليف بالإيمان به قبل البعثة.

- ثم إن عدم اشتراط التمييز، الذي قيد به الصاوي تعريفه أيضًا مما يندرج في تعريف الحافظ، وذلك لأن الأطفال الغير مميزين لهم حكم البالغين من جهة ثبوت وصف الإسلام لهم، وهذا على القول المعتمد في تفسير الفطرة.

ومع وجود المخالف في هذه المسألة من العلماء (٣)، حيث قيد بعضهم التعريف باشتراط التمييز والإدراك، إلا أنه لا اعتداد بقوله هنا، وذلك لرجحان الأدلة في تعريف الفطرة التي ذكرت في الأدلة الشرعية بالإسلام (٤).

- وأما ما ذهب إليه الصاوي من عدم اشتراط الجنس لثبوت حكم الصحبة،


(١) ذكره البخاري في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة: (٧/ ٣).
(٢) الإصابة في تميز الصحابة: (١/ ١٠). وانظر: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر: ١٤٩.
(٣) انظر: أسد الغابة لابن الأثير حيث أورد اشتراط الإدراك والفهم في ثبوت الصحبة نقلًا عن الواقدى الذي عزى القول بهذا إلى بعض أهل العلم دون ذكر أسمائهم: (١/ ١٩). كما صرح بهذا ابن حزم - رحمه الله - فقد اشترط الوعى حال الصحبة. انظر: الإحكام في أصول الأحكام: (٥/ ٨٩).
(٤) راجع مبحث آراؤه في معرفة الله: ١١٨.

<<  <   >  >>