للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه مما لا يسلم له على جهة التعميم، وذلك لأنه قد علم توجه الأمر بالإيمان بالنبى - صلى الله عليه وسلم - للمخاطب بالتكاليف الشرعية، ممن يتأتى منهم القبول أو الرفض، وهم الثقلين: الإنس والجن.

وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن حجر حين شرح مفردات التعريف، حيث قال: "ويدخل في قولنا مؤمنًا به كل مكلف من الجن والإنس" (١).

أما الملائكة، فلا يصح إدخالهم في هذا، لأن المولى عز وجل قد جبلهم على الإيمان به وعلى طاعته فلا تعمهم أحكام المكلفين من الثقلين.

- وكان في إدخاله عيسى والخضر - على القول بنبوته - وإلياس - عليهم السلام - في حكم الصحبة، مما لا يصح، وذلك لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يثبت أنه التقى بهم في حياته إلا ليلة الإسراء، وهم في حال البرزخ، وقد علم أن حياة البرزخ مما لا ينسحب عليها أحكام الحياة الدنيا، ومع ثبوت الخير كتابًا وسنة بأن عيسى - عليه السلام - سينزل إلى الأرض، وسيحكم بشريعة الإسلام، إلا أنه ليس في ذلك دلالة على ثبوت الصحبة له.

أما ما ذهب إليه من إثبات وصف الصحبة للخضر وإلياس - عليهما السلام -، فإنه مبنى على أمرين، لا انفكاك لأحدهما عن الآخر:

أولًا: اعتقاد أن الخضر وإلياس أحياء على الدوام، وأنه لم ولن يتعرضا للموت أبدًا.

ثانيًا: أن الخضر وإلياس قد ثبتت لهما رؤية النبي - عليه الصلاة والسلام - والاجتماع به.

والحقيقة أن كلا الأمرين مما لا مستند له من الصحة.

وتفصيل ذلك: أن اعتقاد دوام حياة الخضر وإلياس؛ مما تنقضه أدلة الكتاب والسنة، وذلك لأنها نصت على أنه لا نجاة لأحد من الموت أبدًا، منها قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.


(١) الإصابة: (١/ ١٢).

<<  <   >  >>