للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أنه لا يوجد دليل معتمد يستثنى الخضر وإلياس من هذا الحكم الكلى، الذي لم ينج منه أحد، ولا حتى أشرف الثقلين: محمد - صلى الله عليه وسلم -. ولعل الصاوي في نفس حديثه عن الفاصل الزمنى الذي يمكن أن ينتسب إليه الصحابة ما يكفى في إبطال ما ادعاه من بقائهما، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) (١).

أما حكاية التقائه - عليه الصلاة والسلام - بالخضر وإلياس - عليهما السلام -، فهذا مما ترويه المسانيد الواهية، التي يجمع على تلقيها بالقبول كافة المتصوفة، وكثير من العوام وقد تلتبس على بعض أهل العلم (٢).

وقد تصدى الحافظ - رحمه الله - لبيان شدة ضعف هذه الروايات، التي تدل على بقاء الخضر، ومن ثم التقائه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك في عدد من مواضع الفتح (٣) , كما أورد حجج أهل العلم في دحض هذه الادعاءات ضمن شرحه للأحاديث التي استندوا إلى دلالتها، كحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: (يرحم الله موسى، لو كان صبر يقص علينا من أمرهما) (٤).

يقول الحافظ حاكيًا حجتهم "فلو كان الخضر موجودًا لما حسن هذا التمنى، ولأحضره بين يديه وأراه العجائب، وكان أدعى لإيمان الكفرة، لا سيما أهل الكتاب" (٥).

هذا وقد أفرد الحافظ في توضيح ذلك مصنفًا أسماه: (الزهر النضر في نبأ الخضر) (٦)، جزم فيه بضعف جميع ما روى في هذا المعنى.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب العلم - باب السمر في العلم، رقم الحديث: ١١٦. وقد سبق تفصيل ذلك في الحياة البرزخية.
(٢) حكى ذلك الحافظ في الفتح: (٦/ ٤٣٤).
(٣) انظر: (٦/ ٤٣٤ - ٤٣٥).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء - باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام -، رقم الحديث: ٣٤٠١.
(٥) الفتح: (٦/ ٤٣٤).
(٦) انظر: ١١٤.

<<  <   >  >>