للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال - عليه الصلاة والسلام -: (خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). (١)

وكما تقدم من كلام الصاوي لم يكن استحقاقهم لهذا الفضل العظيم مجردًا عن الحكمة، وإنما كان ذلك جزاء لما اتصفوا به من عظيم الأخلاق، ولما قدموه للإسلام وللمسلمين.

هذا والحديث عن فضل الصحابة؛ مما يطول المقام في استقصائه، ولعلى أشير إلى الآية التي استدل بها الصاوي على خيرية الصحابة وعدالتهم، وهى آية آل عمران، يقول السفارينى - رحمه الله -: "معتمد القول عند أئمة السنة أن الصحابة - رضوان الله عليهم كلهم - عدول بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق المعتبرين، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، قيل: اتفق المفسرون على أن ذلك في الصحابة، لكن الخلاف في التفاسير مشهور، ورجح كثير عمومها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -" (٢)

وقد أجاد القول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في توجيه ما قيل فيها من أقوال، يقول: "والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] " (٣)

ولكن ما يؤخذ على الصاوي هنا استدلاله بالأحاديث الضعيفة على ما يجب في حقهم مع وجود الصحيح الثابت الذي يحصل به الكفاية واليقين.

- كما أن استدلاله بما يثبت فضلهم ويقطع بالنعيم المعد لهم لإثبات تساويهم في دخول الجنة بلا سابقة عذاب مما لا يسلم له بإطلاقه، فإنه قد ثبت في السنة المطهرة


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق - باب ما يحذر من زهرة الدنيا، رقم الحديث: ٦٤٢٩.
(٢) لوامع الأنوار: (٢/ ٣٧٧).
(٣) تفسير القرآن العظيم: (١/ ٥١٠).

<<  <   >  >>