للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تفطن أهل الافتراق والأهواء لهذه الحقيقة التي لا مراء فيها، فاتجهوا إلى ذلك المعين الصافى، وراموا بغيًا تكدير صفوه، وأنى لهم، فطعن الشيعة في حفظ القرآن الكريم, وزعموا تحريفه بأنواع الأكاذيب، كما أعرضت الخوارج عن تحكيم السنة فأخذت تعمل رأيها في قبول ما تشاء ورد ما تريد، وهكذا حتى خرج زعماء هذه الفرق على جماعة المسلمين بتكفير كبار الصحابة ممن شهد لهم رسول الله بالجنة، فعلم من ذلك أن الطعن في الصحابة هو ديدن الخارجين عن منهج الكتاب والسنة، فالرد عليهم إذًا يكون أولًا: ببيان مكانة التلقى عنهما، وأنه لا نجاة بغير الاهتداء بهديهما.

وعليه فإن الطعن في عدالة الصحابة الكرام بما يوجب الفسق أو الكفر بحجة ما وقع بينهم من خصام ليس له مسوغ شرعى مهما كانت حجة الخصم، لأنه قد ثبتت عدالتهم بما يوجب لهم الترضى ودخول الجنة بالخبر اليقينى المتواتر كتابًا وسنة.

هذا والحديث في بيان حقيقة الخصام الذي حدث في صفوف الصحابة - رضي الله عنهم -، مما امتلأت بمروياته كتب التاريخ، فقد جمعت بين دفتيها عددًا ضخمًا منها، ولكنه مع الأسف كان غالبه مما وضعه أصحاب الأهواء والبدع المارقين من جماعة المسلمين، لذا كان تنبيه الصاوي السابق من هذه المرويات، متبعًا بذلك منهج أكابر العلماء.

فتحرى الصحيح منها، ونبذ ما خالف ذلك، مما لا مستند له من الصحة سندًا أو متنًا مما يدل على التمسك بمنهج الكتاب والسنة في اعتقاد عدالة الصحابة وحفظهم عن موجبات الفسق وما شاكله.

وقبل الحديث في الاستدلال لهذا الموقف السديد من الصاوي، أتوجه بالبيان:

أولًا: لما حدث بين الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم -، لعلى أعطى للقارئ فكرة موجزة عن حقيقة التخاصم الذي حدث من جهة أسبابه ودوافعه، أقول: لقد كان لأعداء المسلمين من اليهود، دور كبير في غرس بذور الفتنة، ومن ثم تعهد نموها واشتدادها، فقد رصد التاريخ بما لا يدع مجالًا للشك، تحركات ابن سبأ

<<  <   >  >>