للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ننابذهم بالسيف؟ ، فقال: لا؛ ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئًا تكرهونه؛ فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدًا من طاعة). (١)

وعليه فلا يجوز الخروج على الإمام؛ بحجة عدم استكمال الشروط فيه، لظهور ما يحكم عليه بالفسق مثلًا، كالأمر بما يغضب الله تعالى من المعاصى، بعد انعقاد الإمامة له، وذلك لدلالة النصوص الشرعية صراحة بوجوب السمع والطاعة في غير معصية، وتحريم الخروج عليه مع عدم الدافع من الأمر بالكفر الصريح.

إذًا يفرق بين طاعة الإمام المسلم الطاعة إلى تستلزم امتثال أمره مهما كان، وبين طاعته التي تعنى عدم الخروج عليه:

أما الأولى؛ فقد دلت الأحاديث على تقييدها بالمعروف؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما الثانية؛ فقد جاءت الأحاديث بإطلاقها، فحرمت الخروج عليه، بل وشددت في ذلك، مادام الإمام على التزام بإقامة شعائر الإسلام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ستكون أمراء؛ فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضى وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ ، قال: لا، ما صلوا) (٢).

يقول شيخ الإسلام في تعليقه على الحديث السابق: "وهذا يبين أن الأئمة هم الأمراء وولاة الأمور، وأنه يكره ينكر ما يأتونه من معصية الله، ولا تنزع اليد من طاعتهم، بل يطاعون في طاعة الله، وأن منهم خيارًا وشرارًا". (٣)

وهذا إنما يلتزم به في حال عدم خروج الإمام عن التزام شعائر الإسلام وتحقيقها في الرعية، ولو بالحد الأدنى منها، كما بين ذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث علق أحقية الوالى في الإمامة بإقامة الصلاة في رعيته.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة - باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع: (١٢/ ٢٤٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة - باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع: (١٢/ ٢٤٣).
(٣) منهاج السنة: (١/ ١١٧). وانظر: مجموع الفتاوى: (٣/ ٢٤٩).

<<  <   >  >>