للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإخماد صفات البشرية، ومجانبة الدعاوى النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله تعالى على الحقيقة، واتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشريعة

وقال دلف الشبلى: التصوف الجلوس مع الله تعالى بلا هم". (١)

وعرفه ابن عربى بأنه: "الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا وباطنًا وهى الخلق الإلهية، وقد يقال بإزاء إتيان مكارم الأخلاق، وتجنب سفاسفها". (٢)

ويقول الكاشانى (٣): "التصوف هو التخلق بالأخلاق الإلهية". (٤)

ولعل في اختلاف وجهات النظر حول التعريف، ما يكشف عن حقيقة هذا العلم، فالغموض والمعانى الوجدانية من الأمور التي لا يكاد يفارق الباحث ملاحظتها في الكثير من المسائل التي تمحور اهتمام التصوف حولها، وقد يرجع هذا لأسباب عدة، من أهمها:

- أولًا: مراحل التصوف، ويدخل في هذا نشأته والعوامل المؤثرة فيه، فقد مر التصوف بمراحل مختلفة ومتعددة، ففى بداية نشأته كان يتسم بالبساطة والبعد عن التعقيد الفلسفى، ينحو في معظم اهتماماته إلى تقويم الجانب السلوكى، فالزهد والعزوف عن الدنيا هو الطابع الذي يميزه في هذه المرحلة.

أما في المراحل المتأخرة منه، وذلك حين أخذت الروافد الغريبة المتأثرة بالفلسفات والأديان القديمة تؤثر على مجرى الفكر، أصبحت قضاياه الأساسية المنصبة على الاتجاه النظرى التقعيدى الفلسفى أساسًا للترقى بالسلوك نحو الهدف، وهو التخلق بالخلق الإلهى، كما هو ملاحظ من تعريف ابن عربى: الفيلسوف الصوفى.


(١) الرسالة القشيرية: ٢٨٢ - والتعريفات للجرجانى: ٨٨.
(٢) رسائل ابن عربي: ٥٤١.
(٣) هو عبد الرزاق الكاشانى بن أحمد بن الكاشانى اشتغل بالتصوف وألف فيه عددًا من المصنفات، من أشهرها: شرح منازل السائرين للهروى، شرح فصوص الحكم لابن عربى، شرح تائبة ابن الفارض، الإفهام في اصطلاحات الصوفية، مات سنة: ٧٣٠ هـ. معجم المؤلفين: (٥/ ٢١٥).
(٤) اصطلاحات الصوفية: ١٦٤.

<<  <   >  >>