للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وبناءً على ما سبق فإنه يعرف الصوفية: بأنهم "هم أهل الباطن الذين اشتغلوا بعلم السر والتصوف".

ويضرب لذلك مثالًا، فيقول: "كاشتغال الجنيد (١) وأضرابه بعلم السر والتصوف، ومعرفة شروطه وآدابه".

ويسند مشروعيته إلى التأسي بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو واضح في بيانه لمبادئ هذا العلم -، فيقول: "لأنه نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم الظاهر والباطن". (٢)

* * *

المناقشة:

أولًا: حقيقة التعريف:

من الملاحظ في تعريف الصاوي للتصوف أنه يحكم عليه بكونه علم من العلوم المستمدة من الكتاب والسنة، ويؤكد ذلك بتأصيله من مصادر الإسلام الأساسية، حيث يستند في تقرير مشروعية الالتزام بآداب التصوف وعلومه إلى كونها طريق يتحقق بسلوكه صلاح القلب، ومعلوم أن إرادة صلاحه من الأسس المعتبرة التي جاء الإسلام لتحقيقها، إذ فيها صلاح الفرد وهو لبنة صلاح المجتمع بأسره، فيورد لذلك حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله).

ومع التسليم له بأن هذا من مرادات الشارع الحكيم الكبرى، والتي أناط بها النجاة يوم القيامة، حيث قال عز من قال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ


(١) هو الشيخ الحافظ إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، السامراني البغدادي، ولد عام: ١٩٥، أخذ العلم عن يحيى بن معين، قال الحافظ الذهبي: له سؤالات نافعة عنه، ثقة زاهد ورع اشتهر بالرقائق وتهذيب النفس، وجد عليه بعض المآخذات إلا أن شيخ الإسلام - رحمه الله - كان كثيرًا ما ينفي نسبتها له ويعتذر له ويترضى عنه، وذلك مثل ما نقله عنه الكلاباذي حيث روى عنه أنه قال للشبلي: نحن حبرنا هذا العلم تحبيرًا ثم خبأناه في السراديب فجئت أنت فأظهرته على رءوس الملأ: الترف، ١٤٥، وانظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء: (١٢/ ٦٣١)، وطبقات الحنابلة لأبي يعلى: ٧٥.
(٢) حاشية الجوهرة: ٩.

<<  <   >  >>