فيها دلالة إلا للطريقة النبوية السنية، وما خلا ذلك فيقبل منه ما وافق المنهج، ويرد ما خالفه، ففي الاستناد إلى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات: ١]. استدلالًا لآداب الصوفية خصوصًا صوفية المتأخرين مخالفة صريحة لكثير من الأسس الصحيحة.
ولعل في هذا متابعة لما درج عليه الكثير من الصوفية، حيث اعتمدوا حال الصحابة - رضوان الله عليهم - مع نبيهم - صلى الله عليه وسلم - في الاستدلال لما يجب أن يكون عليه حال الطالب مع الشيخ، ولا شك أن هذا اشتباه وإجمال يؤخذ منه ويرد، فعقد مقارنة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين آحاد المسلمين مما لا دليل عليه يسنده في كل الأحوال، وذلك لأن المولى تعالى لم يتعبدنا باتباع أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - متابعة كاملة، يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.
يقول الإمام الشوكاني في تفسير الآية:"لما أمر سبحانه القضاة والولاة إذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالحق؛ أمر الناس بطاعتهم ها هنا، وطاعة الله عز وجل هي امتثال أوامره ونواهيه، وطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي فيما أمر به ونهى عنه. وأولي الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية، والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما لم تكن معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال جابر بن عبد الله ومجاهد: إن أولي الأمر: (هم أهل القرآن والعلم)، وبه قال مالك والضحاك. وروي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن كيسان هم أهل العقل والرأي، والراجح القول الأول"(١).
وبناء على ما تقدم فإن اعتماد هذه الآية في تحريم الاعتراض على الشيخ، والتزام عهده وميثاقه مهما كان من الباطل الذي ترده الآيات والأحاديث، وما