للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقوله الصوفية من أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن العالم هو المبلغ عن النبي ليس بحجة في الاقتداء الكامل التام إذا ورد منه ما يخالف هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فإن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله ورسوله مبلغًا عن ربه، أما الشيخ فطاعته تكون مقيدة بما يوافق أصل الطاعة المطلقة لله ولرسوله، لذا كانت طاعته الطاعة المطلقة حتى فيما خالف أمر الله وأمر رسوله نوعًا من أنواع الشرك الأكبر، وهو شرك الطاعة، ومما يدل على هذا الأصل الإيماني العظيم في وجوب صرف الطاعة المطلقة لله تعالى توحيدًا وتجريدًا، قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} , ففي هذه الآية دليل على أن من أحل شيئًا مما حرم الله, أو حرم ما أحل الله فهو مشرك (١).

وهذا ما فسر به قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}، يقول الإمام ابن كثير: "إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا، وقال السدي: استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، ولهذا قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله فهو الحلال، وما شرعه اتبع وما حكم به نفذ" (٢).

"ومن اتخاذ الأحبار والرهبان أربابًا؛ طاعة العلماء علماء الضلال فيما أحدثوه في دين الله من البدع والخرافات والضلالات؛ كإحياء أعياد الموالد والطرق الصوفية والتوسل بالأموات ودعائهم من دون الله" (٣) وغير ذلك مما يناقض أصل الانقياد للشارع الحكيم في كل صغيرة وكبيرة كما يقتضيه حقيقة الإذعان والتسليم بنبوته - صلى الله عليه وسلم -.


(١) تفسير البغوي: (٣/ ١٨٤). وانظر: تفسير القرطبي: (٧/ ٧٧).
(٢) تفسير ابن كثير: (٢/ ٤٥٩).
(٣) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد، د/ صالح الفوزان: ٧١.

<<  <   >  >>