للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الفرق الأول: فهو الاحتجاب بالخلق عن الحق، وبقاء الرسوم الخلقية بحالها، ويقول ابن عربى: هو إشارة إلى خلق بلا حق، وقيل مشاهدة العبودية. (١)

الفرق الثاني: هو شهود قيام الخلق بالحق، ورؤية الوحدة في الكثرة، والكثرة في الوحدة من غير احتجاب صاحبه بأحدهما عن الآخر. (٢)

وهو بهذا المعنى يصرح بوحدة الوجود، التي تبلورت فكرتها على يده.

ويعرف المناوي هذه المقامات، فيقول: الجمع "إشارة إلى حق بلا خلق، وقيل: لمشاهدة العبودية، وقيل: الفرق ما نسب لك والجمع ما سلب عنك. . . .

- وجمع الجمع: مقام أتم وأعلى من الجمع، فالجمع شهود الأشياء بالله، والتبرى من الحول والقوة، وجمع الجمع: الاستهلاك بالكلية والفناء عما سوى الله، وهو المرتبة الأحدية". (٣)

وفي بيان هذه المرتبة، يقول الجرجاني: "الأحدية إذا أخذت حقيقة الوجود بشرط ألا يكون معها شيء، فهي المرتبة المستهلكة جميع الأسماء والصفات، فهي تسمى جمع الجمع" (٤).

ومن هنا فإن غاية هذه المقامات المتتالية؛ الوصول إلى مرتبة الفناء التام، بحيث لا تبقى حقيقة إلا حقيقة الوجود، وهذا تصريح بأن غاية الفكر الصوفي: وحدة الوجود، والصوفية في تحقيق هذه الرتبة على اختلاف؛ فمنهم من يرجعها إلى ما فسرها به ابن عربي، ومنهم من يرى التخفيف، فيبقى الشهود أقصى ما يراد.

ويأتي التعبير عن بلوغ السالك أقصى هذه المقامات بالوصل، أو وصل الوصل، فـ: "الواصل - عندهم - من اتصل بمحبوبه دون كل شيء سواه، وغاب عن كل شيء سواه". (٥)


(١) رسائل ابن عربي: ٥٣٢.
(٢) اصطلاحات الصوفية: ١٤٦.
(٣) التعاريف: ٢٥٢.
(٤) التعريفات: ١٠٩ - ١١٠.
(٥) انظر: طبقات الصوفية للسلمي: ٤٦٢.

<<  <   >  >>