النصوص والإيمان بها؛ فقد بين المولى تعالى أنه أنزل القرآن بلسان عربي مبين، لهذا جاء أمره بتدبر القرآن، حتى قال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}، ويقال هذا أيضًا في السنة المطهرة التي وصفها بالبيان، حيث قال:{لِتُبَيِّنَ لَهُمُ}، وإنما كان الأمر برد المتشابه لعلمه سبحانه باختلاف أفهام الناس، وأن منهم من ليست له أهلية كافية في فهم النصوص، فعليه إذا لم يتمكن من إدراك معناها أن يردها إلى المحكم، الذي لا يلتبس معناه على أحد، هذا في حال تمكنه من الاستنباط، أما مع عدم ذلك فيكون الرد لمن أتاه الله علمًا وفهمًا:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣].
فالحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته). بيان لمراتب القرب من المولى تعالى بحسب ما يتقرب به العبد من المولى تعالى، فقد نص الحديث على أن الفرائض هي أحب ما يتقرب به إليه، وإذا تابعها العبد بمزيد من النوافل والطاعات؛ كان ذلك زيادة في معنى القرب، وهذا القرب هو قرب الرحمة، والكلاءة، والمعونة، والمحبة، لذلك رتب المولى تعالى تحقق ما يطلبه العبد من السؤال، والاستعاذة على ذلك.
وأما قوله:(كنت سمعه الذي يسمع. . إلخ)؛ فمراده تحقق مرتبة الولاية بموافقة مرادات الرب تعالى، فلا يعمل إلا في محابه، ومرضاته.
فهذا الحديث الذي قيل فيه:"إنه أشرف حديث في ذكر الأولياء"(١)، نص في بيان السبيل المؤدى إلى تحقق العبد من مرتبة الولاية، فليس ثمة طريق إلى مرضاة الله تعالى إلا بما شرعه من القربات والطاعات، بدأً بالفرائض التي أوجب المولى