للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: "ولما كان الخلاص من تلك الحجب واجبًا عينيًا على كل مريد لله، وضعت أهل الطريقة الخلواتية أسماء سبعة، لأن كمال النفس وخلاصها من تلك الحجب لا يحصل إلا بتجليات تلك الأسماء على الترتيب المعلوم عندهم، لأنهم قسموا النفس إلى سبعة أقسام: أمارة، ولوامة، وملهمة، ومطمئنة، وراضية، ومرضية، وكاملة:

ثم يأخذ بتوضيح سبب تسمية النفوس بهذه الأسماء مع وقفة يسيرة للنفس الرفيعة وذلك لبيان ترقيها بالمقامات بحسب ما اتصفت به من صفات علت بها عن غيرها، يقول:

فأخذوا الأمارة: من قوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣] وهي نفوس الفساق لا تأمر صاحبها بخير أصلًا.

واللوامة: من قوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢] وهي تأمر بالمعاصى، لكن تلوم صاحبها وتتوب.

والملهمة: من قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨] وهى التي ألهمت عيوبها فلا ترى لها تقوى ولا عملًا وصاحبها فانٍ في مقام السكر.

والمطمئنة والراضية والمرضية: من قوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٧، ٢٨] والكاملة: من قوله تعالى: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٣٠].

ويسترسل في بيان استحقاق هذه النفس لكل تلك الصفات على الترتيب وملاحظة الترقى في المقامات، يقول:

وسميت مطمئنة لرجوعها لمقام البقاء بربها، وسكونها للمقادير لشهودها الحق في الآثار فترى كل شيء جميلًا.

فلذلك كان أول قدم يضعه المريد في الطريق - هو الوصول إلى مقام البقاء - وقبله كان مريدًا ولم يكن من أهل الطريق.

<<  <   >  >>