للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا استمرت تلك الطمأنينة واستمر بالباب، كانت راضية، فتكون مرضيًا عليها من الله، لأن من رضى له الرضا.

فإذا استمرت على الباب تجلى عليه الحق بشهِود الذات فضلًا منه وإحسانًا وهي الكاملة، وهذا إشارة لقوله تعالى: {وَادْخُلِي جَنَّتِي} أي جنة مشهودى في الدنيا (١)

"وهذا مقام الواصلين وقبل ذلك يسمى مقام السائرين" (٢)

ويعلل تفسيره للجنة بهذا المقام، فيقول: "فإنه تقدم لنا أن مشهود الذات نعيم معجل للأولياء أعظم من نعيم الجنان".

وبعد ذلك يبين - الصاوي كما يرى - أثر تجلى أسماء الله الحسنى السبعة على هذه النفوس في ترقيها إلى المقامات الصوفية، يقول: "فوضعوا للمقام الأول - يعني النفس الأمارة -: لا اله الا الله لنفى الأغيار من كل حجاب ظلمانى.

ووضعوا الاسم الأعظم وهو الله في المقام الثاني: للخلاص من النفس اللوامة فإن تجليه يفنيها.

ووضعوا للمقام الثالث - النفس الملهمة - هو بالسكون والمد موضوع لحقيقة الحق فذكره يناسب الفانى في ذات الله.

فإذا صحا من سكوه وضعوا له حق، لأن تجليه يحصل به دوامًا الطمأنينة، لكون معنى الحق الثابت الذي لا يقبل الزوال أزلًا ولا أبدًا.

فإذا استمر ثابتًا بعد صحوه من الفناء وضعوا له في المقام الخامس: حى لتليه عليه بالحياة السرمدية، فإذا خلعت عليه خلعته صارت نفسه مرضية للرب، وناسبه قيوم لأن به قوام العالم فتخلع عليه خلعة القيومية، وهو التصرف في العالم، فيصلح للخلافة.

فينتقل للكمال وهو شهود الذات، فيناسبه قهار ليخلع عليه خلعة يقهر بها المعاندين والمعارضين، لأنه صار داعيًا من دعاة الحق" (٣).


(١) حاشية الصلوات: ٨٥.
(٢) حاشية الجلالين: (٢/ ٢٣٠).
(٣) حاشية الصلوات: ٨٥.

<<  <   >  >>