نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق قال:(إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله) " (١).
ومن هنا كان التوسل بذوات الأولياء، من أعظم ذرائع الشرك، فقد تسبب هذا المعتقد في ضلال قوم نوح.
كما أن أساس الشرك الذي وقع فيه كفار مكة؛ مرده إلى هذا التوسل الشركي، حيث ظن مشركو قريش أن لهذه الآلهة منزلة عند الله، تقربهم بعبادتها، والتبرك بها، والتعلق بأذيالها من المولى تعالى.
ولما كانت العبادة توقيفية، فليس للعقل فيها استقلال عن الشرع؛ فقد حرم التبرك بذوات الصالحين، وعد الوقوع به من ألوان الابتداع الذي يقدح في جناب التوحيد، وبحسب درجة الاعتقاد في ذلك التبرك؛ يقرب هذا الابتداع من دائرة الشرك أو يدخل فيها.
فمن ظن أن لهؤلاء الأولياء نوع نفع أو ضر، ولو على غير جهة الاستقلال - وهذا هو حال من يعتقد البركة فيهم، إذ حقيقة التبرك هو طلب البركة بالزيادة والنفع - كما ظن أولئك المشركون في آلهتهم، فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة، إذ العلة في دخول أولئك في الشرك مع فعل هؤلاء واحدة، فلم يكن الدافع لأولئك في توسلهم بالآلهة اعتقاد انفرادهم بالضر أو النفع، فقد كانوا يعلمون بأنهم عبيد الله، يصدق ذلك قولهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك.
وأساس هذا المنع: أعني به التبرك بالذوات من جهتين: الأولى من جهة وجوب إفراد الله تعالى بأفعال الربوبية، فإن في نسبة نوع من الضر أو النفع لأحد لم يرد في استحقاقه ذلك دليل كوني أو شرعي، محض تحكم على المولى تعالى، كيف وقد أمر المصطفى وهو خير من طلعت عليه الشمس أن يعلن افتقاره إلى ربه بقوله: