للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال خوفًا على اغترار المسلمين بكثرة الفتوحات التي حصلت في عصره: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله) (١).

ولشدة حرصه على صفاء عقيدة الصحابة، وصدق توجهه إلى الله تعالى؛ قام بعزل خالد - رضي الله عنه - من قيادة المعارك، بعد إحرازه النصر في الكثير منها.

ولو أردت استقصاء هذه المواقف الإيمانية في حرص النبي وصحابته الكرام على سلامة الاعتقاد وصفائه من أدران الشرك؛ لطال بي المقام، وما هي إلا لفتات وودت فيها أن أبين مكانة الكرامة في الصدر الأول، بعيدًا عن غلو هؤلاء الأدعياء.

بقى بيان حقيقة من نسب إليهم الصاوي مشروعية الاستغاثة بهم، وهم النجباء والأقطاب والغوث، فقد فصل شيخ الإسلام ما يمكن به رد وجودهم بما يتحقق به إبطال ما علق بهم الصوفية من أوهام لا أساس لها من الشرع، وذلك ببيان أن كل ما استند إليه الصوفية من الأحاديث في ذكرهم فهي موضوعة لا يحتج بها (٢).

وعليه فإن "الإيمان بوجود هؤلاء ليس واجبًا عند أحد من علماء المسلمين وطوائفهم المعروفين. . إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع لأمته التصديق بوجود هؤلاء ولا أصحابه كانوا يجعلون ذلك من الدين"، كما أن بطلان الدعوى تدل على بطلان تحققها للمدعى عليه، فـ "القائلون بهذه الأمور منهم من ينسب إلى أحد هؤلاء ما لا تجوز نسبته إلى أحد من البشر، مثل دعوى بعضهم أن الغوث أو القطب هو الذي يمد أهل الأرض في هداهم ونصرهم ورزقهم، فإن هذا لا يصل إلى أحد من أهل الأرض إلا بواسطة نزوله على ذلك الشخص، وهذا باطل بإجماع المسلمين، وهو من جنس قول النصارى في الباب" (٣).

* * *


(١) أخرجه الحاكم في مستدركه: كتاب الإيمان، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعًا بأيوب بن عائد الطائي وسائر رواته وإن لم يخرجاه: (١/ ٦١).
(٢) مجموع الفتاوى: (١١/ ١٦٧).
(٣) منهاج السنة: (١/ ٩٢ - ٩٣).

<<  <   >  >>