لمذهب السلف، فمرة يحزر المسألة بمنطق أشعرى وأخرى سلفى، وذلك كمسألة إثبات الحكمة لله تعالى، فقد وقع في التناقض حين أولها كتأويل الأشاعرة إياها بما يثبت مقتضاها في المصنوعات فتكون عندهم بمعنى الإتقان والإحكام، ومرة تظهر موافقته للسلف جلية في بيان معناها إذ يعرفها بما أثر عنهم من أنها وضع للشيء في محله، وبذلك فهو يعمم حكمها على كل أفعال الله تعالى مثبتًا الغايات والمقاصد، مقرًا بقوله تعالى:{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}.
وأيضًا كتفسيره للإله، فإنه في عدد من المرات يفسر الإله بإنه القادر على الاختراع بما يفيد معنى الربوبية، إلا أنه فسره في موضع واحد بما يوافق مذهب السلف من أنه المعبود، ولكنه في كلا الحالتين لا يخرج في نهاية المطاف عن مذهب الأشاعرة، ففي موقفه من الحكمة نجده يؤكد تأويله لها ونفيها عن أفعال الله في مقابل الرد على المعتزلة الذين ينفون أن يخلق الرب تعالى أفعال العباد بما فيها من شر بحجة منافاة ذلك لحكمته تعالى، فهو يرى في تأويلها ما يفى بالرد عليهم، وقد أبطلت مذهبه تمامًا في محله.
وكذلك في تفسير الإله بهذا الموقف المتباين فإنه يستقر على مذهب أسلافه حيث لا يرى أن أحدًا كفر بسبب الشرك، فالشرك عنده هو ما قدح في جانب الربوبية ومنكرو هذا قليل في بني آدم، ولو أنه استقر على ما عرف الإله به من أنه المستحق للعبادة لعلم أن كفر مشركي قريش وغيرهم كثير إنما كان بسبب الشرك، كما لا يخفى، لأنهم لم يقروا بهذه الكلمة: لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله.
وهذه بعض أمثلة لتناقضه.
٥ - عرف الصاوي بتبنى بعض الأقوال التي تمثل انحرافًا خطيرًا في المنهج، كالقول بأن ظاهر الكتاب والسنة كفر، فهى وإن كانت قد عرفت عن سابقيه من المتكلمين، إلا أنه أظهر اعتناؤه بها، فضمنها تفسيره لكتاب الله العزيز مؤكدًا على منهجه في تأويل الصفات حسبما يقره مذهبه الأشعرى، مما استدعى ردود العلماء عليه كالإمام الشنقيطي - رحمه الله - في أضواء البيان.