٦ - تأثر الصاوي بالعصر الذي عاش فيه، فتابع أكثر علماء زمانه في محاربة الدعوة السلفية بقيادة الإمام محمد بن عبد الوهاب، ورميها بأنواع التهم الجائرة، حيث أطلق عليهم مسمى الخوارج.
٧ - تابع الصاوي ما عليه متكلمو زمانه من سلوك مذهب الصوفية، فوقع في الكثير من ألوان الغلو المذموم، والذي يظهر جليلًا في اعتقاده بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث أثبت له الأصل النورى وكشف المغيبات وإثبات الواسطة له، وشرع في حقه الكثير من الصلوات المبتدعة مقرًا ما عليه الصوفية من ألوان البدع والمحدثات العقدية، كما ظهر انحرافه في الكثير من المسائل؛ كادعاء علم الغيب للأولياء، وجواز التوسل بهم، والتبرك بذواتهم، وأوجب متابعة الشيخ ولو ظهر منه ما يخالف ظاهر الشرع.
كما تأثر بمنهجهم المنحرف في تفسير القرآن العظيم بالتفسير الإشارى الاستبطانى، وإن لم ينهج هذا المنهج كثيرًا في تفسيره: الحاشية على الجلالين.
٨ - وكما ظهر تميزه مجملًا في تحرير مذهب الأشاعرة، فكذلك كان حاله مع الصوفية، حيث حاول التوسط والاعتدال في متابعة القوم، فخالفهم في الكثير مما اشتهر عنهم، فقد أكد الصاوي على تفضيل الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام - على سائر الأولياء، كما أبطل عقيدة وحدة الوجود بمعناها الكفرى، وأكد على أن الولاية لا تنال إلا بمتابعة السنة وطريق القرآن، وأكد في اختيار الشيخ وفق الكتاب والسنة.
٩ - ومع ذلك ولإصراره على موافقة الصوفية في تقرير مسلكهم والاستدلال له بالمسالك الشرعية، فقد خرج بأقوال عرف بها؛ حاول أن يؤول موقف الصوفية الغلاة وأقوالهم المارقة، فأقر وحدة الوجود ولكنه حملها على ما يعرف بوحدة الشهود، وأقر المقامات على ما فيها من مخالفات جلية؛ كإبطال التكاليف مع أنه يصر على وجوب الاستقامة لنيل الولاية، فظهر بهذه المواقف المتعددة متناقضًا يغرب كثيرًا في تقرير المسائل العقدية.