للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لبداهتها، فلا يكون هناك حاجة لذكرها ويكتفى بالنتيجة لظهور هذه المقدمات وبداهتها وهى: العالم له محدث، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - في بيان هذا: "فما من قضية من هذه القضايا الكلية التي تجعل مقدمة في البرهان، إلا والعلم بالنتيجة ممكن بدون توسط ذلك البرهان، بل هو الواقع كثيرًا.

فإذا علم أن كل واحد فهو نصف كل اثنين، وأن كل اثنين نصفهم واحد فإنه يعلم أن هذا الواحد نصف هذين الاثنين، وهلم جرًا في سائر القضايا المعينة من غير استدلال على ذلك بالقضية الكلية. . .

وكذلك إذا قيل: هذا محدث، فلا بد له من محدث، فتلك القضية الكلية وهى قولنا: كل محدث لا بد له من مُحْدِث، وكل ممكن لا بد له من مرجح يمكن العلم بأفرادها المطلوبة بالقياس البرهانى عندهم، بدون العلم بالقضية الكلية التي لا يتم البرهان عندهم إلا بها، فيعلم أن هذا المحدَث لا بد له من محدِث، وهذا الممكن لا بد له من مرجح" (١).

- ثم إن ما اشترطوه لصحة القياس من وجود مقدمتين، وإذا زاد الأمر لحاجة الاستدلال سموه مركبًا وردوه مع تعدده لبيان المقدمتين، لحصول النتيجة المطلوبة لا يصح لهم، وذلك لأن "الدليل قد يكون مقدمة واحدة، وقد يكون مقدمتين، وقد يكون مقدمات بحسب حاجة الناظر المستدل، إذ حاجة الناس تختلف، فقد يصل المستدل إلى المطلوب بمقدمة واحدة وقد يحتاج لأكثر، إذ المقصود هنا أن وجه الدليل: العلم بلزوم المدلول له - أي العلم بوجه دلالة الدليل على ما يدل عليه -، سواء سمى استحضارًا أو تفطنًا أو غير ذلك، فمتى استحضر في ذهنه لزوم المدلول له علم أنه دال عليه. وهذا اللزوم إن كان بينًا له، وإلا فقد يحتاج في بيانه إلى مقدمة أو ثنتين أو ثلاثة أو أكثر (٢)

دل على ذلك نهج من وجب اتباعهم والتزام سبيلهم من المهاجرين والأنصار


(١) الرد على المنطقيين: (١/ ١٢١).
(٢) الرد على المنطقيين: (١/ ١٢٣).

<<  <   >  >>