فلما أجازهم أتاه إياس بن معاوية بجائزة، فأبى أن يقبلها، فقال: أترد عطية الأمير، قال: أتتصدق عليّ فقد أغناني الله، أو تعطيني على العلم أجرًا، فلا آخذ على العلم أجرًا. [المنتظم ٧/ ١٤٠].
• وقال طاووس ﵀: بينا أنا بمكة بعث إلي الحجاج فأجلسني إلى جنبه واتكأني على وسادة إذ سمع ملبيًا يلبي حول البيت رافعًا صوته بالتلبية، فقال: عليّ بالرجل، فأتي به، فقال: ممن الرجل؟ قال: من المسلمين، قال: ليس عن الإسلام سألتك، قال: فعم سألت؟ قال: سألتك عن البلد، قال: من أهل اليمن، قال: كيف تركت محمد بن يوسف؟ - يريد أخاه - قال: تركته عظيمًا وسيمًا لبّاسًا ركّابًا خرّاجًا ولاّجًا، قال: ليس عن هذا سألتك، قال: فعم سألت؟ قال: سألتك عن سيرته، قال: تركته ظلومًا غشومًا، مطيعًا للمخلوق عاصيًا للخالق، فقال له الحجاج: ما حملك على أن تتكلم بهذا الكلام وأنت تعلم مكانه مني؟ قال الرجل: أتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من الله ﷿ وأنا وافد بيته ومصدق نبيه وقاضي دينه، قال: فسكت الحجاج فما أجاب جوابًا، فقام الرجل من غير أن يؤذن له فانصرف.
قال طاووس: فقمت في أثره وقلت: الرجل حكيم، فأتى البيت فتعلق بأستاره ثم قال: اللهم بك أعوذ وبك ألوذ، اللهم اجعل لي في اللهف إلى جودك، والرضا بضمانك مندوحة عن منع الباخلين وغنى عما في أيدي المستأثرين، اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة. ثم ذهب الناس فرأيته عشية عرفة وهو يقول: اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني الأجر على مصيبتي بتركك القبول. ثم ذهب في الناس فرأيته غداة جمع يقول: واسوءتاه منك والله وإن عفوت. يردد ذلك. [المنتظم ٧/ ١١٦].
• وعن عثمان بن عطاء الخراساني أنه قال: انطلقت مع أبي وهو يريد هشام بن عبد الملك، فلما قربنا إذا بشيخ أسود على حمار، عليه قميصٌ دنس، وجبّة دنسة، وقلنسوة لاطية دنسة، وركاباه من خشب، فضحكت وقلت لأبي: من هذا الأعرابي؟ قال: اسكت، هذا سيد فقهاء أهل الحجاز، هذا