للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عطاء بن أبي رباح. فلما قرب نزل أبي عن بغلته، ونزل هو عن حماره، فاعتنقا وتسالا (١)، ثم عادا فركبا فانطلقا حتى وقفا بباب هشام، فلما رجع أبي سألته، فقلت: حدثني ما كان منكما. قال: لما قيل لهشام عطاء بن أبي رباح بالباب أذن له، فوالله ما دخلت إلا بسببه. فلما رآه هشام قال: مرحبًا مرحبًا هاهنا هاهنا. فرفعه حتى مسّت ركبته ركبته، وعنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا. فقال هشام: ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين، أهل الله، وجيران رسول الله يقسم فيهم أعطياتهم وأرزاقهم، قال: نعم، يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاءين وأرزاقهم لسنة، ثم قال: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الحجاز، وأهل نجد، أصل العرب، ترد فيهم فضول صدقاتهم قال: نعم، يا غلام اكتب بأن ترد فيهم صدقاتهم. قال: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الثغور يرمون من وراء بيضتكم، ويقاتلون عدوكم، قد أجريتم لهم أرزاقًا تدرها عليهم، فإنهم إن هلكوا أغرتم. قال: نعم، اكتب بحمل أرزاقهم إليهم يا غلام، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل ذمتكم يحيى صغارهم ولا يتعتع كبارهم، ولا يكلفون إلا ما يطيقون. قال: نعم اكتب لهم ياغلام، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم ياأمير المؤمنين، اتق الله في نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحدًا.

قال: فأكب هشام وقام عطاء، فلما كان عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس ما أدري ما فيه، أدراهم أم دنانير. فقال: إن أمير المؤمنين أمر لك بهذا. فقال: لا أسألكم عليه أجرًا إن أجري إلا على رب العالمين. قال: ثم خرج عطاء، فلا والله ما شرب عنده حسوة من ماء فما فوقه. [المنتظم ٧/ ١٦٨].

• وعن الأوزاعي قال: بعث عبد الله بن علي إليَّ فاشَتدَّ ذلك علَيَّ


(١) لعله: وتساءلا.

<<  <   >  >>