للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدمتُ، فدخلت، والناس سماطان (١) فقال: ما تقولُ في مخرجِنا وما نحنُ فيه؟ قلت: أصلح الله الأمير! قد كان بيني وبين داود بن عليٍّ (٢) مودَّة. قال: لَتُخْبِرَنِّي. فتفكرتُ ثم قلتُ: لأَصْدقَنَّه، واستبسلتُ (٣) للموت ثم رويتُ لهُ عن يحيى بن سعيد حديث (الأعمال) (٤) وبيده قضيب ينكُتُ به، ثم قال: يا عبد الرحمن: ما تقول في قتل أهل هذا البيت؟ قلت: حدثني محمد بن مروان، عن مطَرِّف بن الشِّخير، عن عائشة عن النبي قال: " لا يَحِلُّ قَتْلُ المُسلِمِ إلا في ثلاثٍ … " وساقَ الحديثَ.

فقال: أخبرني عن الخلافةِ، وصيَّةٌ لنا من رسول الله ؟ فقلت: لو كانت وصيَّةً من رسول الله ما ترك عليٌّ أحدًا يتقدَّمُه. قال: فما تقولُ في أموالِ بني أميَّة؟ قلتُ: إن كانت لهم حلالاً فهي عليك حرام، وإن كانت عليهم حرامًا، فهي عليك أَحْرَمُ. فَأَمَرَني، فأخرجتُ.

قلت: قد كان عبدُ الله بن عليٍّ ملكًا جبَّارًا، سفَّاكًا للدماء، صعبَ المراسِ، ومع هذا فالإِمامُ الأوزاعي يَصْدَعهُ بمُرِّ الحق كما ترى، لا كخَلْقٍ من عُلماء السُّوء، الذين يُحَسِّنُونَ للأُمراء ما يقتحمونَ به من الظُلم والعَسْف، ويقلِبُون لهم الباطل حقًا - قاتلهم الله - أو يسكتون مع القُدْرِة على بيان الحقِّ. [السير (تهذيبه) ٢/ ٦٨٣].

• وعن أبي سعيد الثعلبي قال: لما خرج إبراهيم ومحمد على أبي جعفر المنصور، أراد أهلَ الثغور أن يعينوه عليهما، فأبوا ذلك، فوقع في يد ملك الروم الألوف من المسلمين أسرى، - وكان ملك الروم يحب أن يفادي بهم ويأبى أبو جعفر - فكتب الأوزاعي إلى أبي جعفر كتابًا:

أما بعد فإن الله تعالى استرعاك أمر هذه الأمة لتكون فيها بالقسط


(١) قال في الحاشية: سماطان: صفان.
(٢) هو أخو عبد الله.
(٣) قال في الحاشية: يقال: أبسل نفسه للموت، واستبسل: إذا وَطَّن نفسه عليه واستيقنه.
(٤) إنما الأعمال بالنيَّات.

<<  <   >  >>