قائمًا، وبنبيه ﷺ في خفض الجناح والرأفة متشبها، وأسأل الله تعالى أن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة، ويرزقه رحمتها، فإن سايحة المشركين غلبت عام أول، وموطئهم حريم المسلمين، واستنزالهم العواتق والذراري من المعاقل والحصون، وكان ذلك بذنوب العباد، وما عفا الله عنه أكثر، فبذنوب العباد استنزلت العواتق والذراري من المعاقل والحصون، لا يلقون لهم ناصرًا، ولا عنهم مدافعًا، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن، وكان ذلك بمرأى ومسمع، وحيث ينظر الله إلى خلقه، وإعراضهم عنه، فليتق الله أمير المؤمنين وليتبع بالمفاداة بهم من الله سبيلاً، وليخرج من محجة الله تعالى، فإن الله تعالى قال لنبيه: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ (١)[النساء: ٧٥].
والله يا أمير المؤمنين ما لهم يومئذ فيء موقوف، ولا ذمة تؤدي خراجًا إلا خاصة أموالهم، وقد بلغني عن رسول الله ﷺ أنه قال:(إني لأسمع بكاء الصبي خلفي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتتن أمه) فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي عدوهم يمتهنونهم، ويتكشفون منهم ما لا نستحله نحن إلا بنكاح؟ وأنت راعي الله، والله تعالى فوقك ومستوف منك، يوم توضع ﴿الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]، فلما وصل إليه كتابه أمر بالفداء. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ٢٨٤].
• وعن محمد بن بشار اليشكري أنه قال: لما قدم أبو عون مصر وقتل بها من قتل واستولى على البلد أرسل على حيوة بن شريح ﵀: ائتني، قال: فجاء فدخل عليه فقال: إنَّا معشر الملوك لا نُعصى، فمن عصانا قتلناه، قد وليتك القضاء، قال: أو آمر أهلي، قال: اذهب، قال: فجاء إلى أهله، فغسل
(١) في الأصل ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٧٥]، ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ … [النساء: ٩٨] وهذا خطأ.