• وعن أبي عثمان الرازي قال: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي ﵀ بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمر أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فرده فانصرف الرسول، ثم عاد فقال له: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه في جيرانك: فقال: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين: إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك. [المنتظم ١٢/ ٣٨٣].
• وعن نمير المدني أنه قال: قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي ﵀ على قضائه وأنا كاتبه، فاستعدى الحمالون على أمير المؤمنين في شيء ذكروه، فأمرني أن أكتب إليه كتابًا بالحضور معهم وإنصافهم، فقلت: اعفني من هذا فإنه يعرف خطي، فقال: اكتب، فكتبت ثم ختمه، وقال: لا يمضي به والله غيرك، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه، فقال: لا تفعل، فدخل عليه بالكتاب ثم خرج الربيع فقال للناس وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم: إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم فلا أعلمن أحدًا قام إليّ إذا خرجت أو بدأني بالسلام.
قال: ثم خرج المسيب بين يديه والربيع وأنا خلفه في إزار ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بالقبر فسلم على الرسول ﷺ، ثم التفت إلى الربيع، فقال: يا ربيع، ويحك أخشى إن رآني محمد بن عمران أن يدخل قلبه هيبة فيتحول عن مجلسه، وتا الله لئن فعل لا وَلِي لي ولاية أبدًا.
قال: فلما رآه - وكان متكئًا - أطلق رداءه على عاتقه ثم احتبى به ودعى بالخصوم وبالحمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين ثم ادعوا وحكم عليه لهم، فلما دخل الدار قال للربيع: إذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فقال: يا أمير المؤمنين، ما دعا بك حتى تفرغ من أمر الناس جميعًا، فدعاه، فلما دخل عليه سلم، فقال: جزاك الله عن دينك وعن بنيك وعن حسبك وعن خليفتك أحسن الجزاء، قال: قد أمرت لك بعشرة آلاف دينار فاقبضها، فكانت عامة أموال محمد بن عمران الطلحي من تلك الصلة. [المنتظم ٨/ ١٨١، ١٨٢].