جنبه، فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا، قد أذيت الشيخ منذ الليلة، فانصرف رحمك الله. فانصرفنا. [المنتظم ٩/ ١٤٩ - ١٥٢].
• وعن سعيد بن سليمان أنه قال: كنت بمكة في رواق الشطوى وإلى جنبي عبد الله بن عبد العزيز العمري ﵀، وقد حجّ هارون الرشيد، فقال لي إنسان: يا أبا عبد الرحمن، هو ذا أمير المؤمنين يسعى، قد أخلي له المسعى. قال العمري للرجل: لا جزاك الله عني خيرًا، كلفتني أمرًا كنت عنه غنيًا. ثم تعلق نعليه وقام، فتبعته، فأقبل هارون الرشيد من المروة يريد الصفا فصاح به: يا هارون قال: فلما نظر إليه، قال: لبيك يا عم. قال: ارق الصفا. فلما رقيه قال: ارم بطرفك إلى البيت، قال: قد فعلت. قال: كم هم؟ قال: ومن يحصيهم؟ قال: فكم في الناس مثلهم؟ قال: خلق لا يحصيهم إلا الله، قال: اعلم أيها الرجل أن كل واحد منهم يسأل عن حاجته نفسه، وأنت تسأل وحدك عنهم كلهم، فانظر كيف تكون. قال: فبكى هارون، وجلس وجعلوا يعطونه منديلاً منديلاً للدموع.
قال العمري: وأخرى أقولها لك، قال: قل يا عم. قال: والله إن الرجل ليسرع في ماله فيستحق الحجر عليه، فكيف بمن أسرع في مال المسلمين؟ ثم مضى وهارون يبكي. [المنتظم ٩/ ٩٩].
• وعن أبي الثناء شكر العضدي قال: دخل عضد الدولة إلى بغداد، وقد هلك أهلها قتلاً وحرقًا وجوعًا للفتن التي اتصلت فيها بين الشيعة والسنة، فقال: آفة هؤلاء القصاص يغرون بعضهم ببعض ويحرضونهم على سفك دمائهم، وأخذ أموالهم، فنادى في البلد لا يقص أحد في جامع ولا طريق، ولا يتوسل متوسل بأحد من أصحاب رسول الله ﷺ ومن أحب التوسل قرأ القرآن، فمن خالف فقد أباح دمه. فرفع إليه في الخبر أن أبا الحسين بن سمعون ﵀ الواعظ جلس على كرسيه يوم الجمعة في جامع المنصور، وتكلم على الناس، فأمرني أن أنفذ إليه من يحصله عندي، ففعلت فدخل علي رجل له هيبة، وعلى وجهه نور، فلم أملك أن قمت إليه، وأجلسته إلى جانبي، فلم