فترى أحدَهم أزهد ما يكون، وأعبد ما يكون، وأشده اجتهادا، وهو أبعد ما يكون عن الله. وأصحاب الكبائر أقرب قلوبًا إلى الله منه، وأدنى منه إلى الإخلاص والخَلاص. فانظر إلى السَّجاد العبَّاد الزاهد، الذي بين عينيه أثر السجود، كيف أورثه طُغيان عملِه أن أنكر على النبي ﷺ، وأورث أصحابَه احتقار المسلمين، حتى سَلُّوا عليهم سيوفهم، واستباحوا دماءهم. وانظر إلى الشِّريب السِّكير، الذي كان كثيرًا ما يُؤتى به إلى النبي ﷺ فيَحُدُّه على الشراب، كيف قامت به قوة إيمانه، ويقينه، ومحبته لله ورسوله، وتواضعه، وانكساره لله، حتى نهى رسول الله ﷺ عن لعنه. فظهر بهذا أن طُغيان المعاصي أسلم عاقِبةً من طُغيان الطاعات. ا. هـ بتصرف. مدارج السالكين ٤/ ٦٩ - ٧٢ (٢) في الحلية: إني لأرغب بك عن هذا اللباس.