للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت أعمال القوم؟ قال: كانت أعمالهم قليلة، وكانت قلوبهم سليمة. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ١٢٣].

• وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: حج إبراهيم ابني، فلقي محمد بن يوسف بمكة، فقال له: أقرئ أباك السلام وقل له: هُنْ، قال: فرجع إبراهيم فأخبرني بقوله، قال: فصرت كذا شهرًا أشبه رجل مريض، من مقالة محمد، فقلت: رجل مثله عسى أن يكون بلغه عني شيء، أو رأى علي رؤيا، حتى قدم علينا، قال: فأخذ بيدي وجعل يمشي حتى ظننت أنا لا ندرك صلاة المغرب، فجلسنا فقلت له: يا أبا عبد الله أخبرني إبراهيم ابني عنك بكذا، فقال محمد: بلغني أنك جلست تحدث الناس، فقلت له: إن أحببت حلفت أن لا أحدث بحديث أبدًا، فقال: حدث الناس وعلمهم، ولكن انظر إذا اجتمع الناس حولك، كيف يكون قلبك. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ٥٥].

• وقال أحمد بن أبي الحواري: قلت لأبي سليمان الداراني : إني قد غبطت بني إسرائيل، قال: بأي شيء ويحك؟ قلت: بثمان مائة سنة وبأربعمائة سنة حتى يصيروا كالشنان البالية، والحنايا، وكالأوتار. قال: ما ظننت إلا أنك قد جئت بشيء!! لا والله ما يريد الله منا أن تيبس جلودنا على عظامنا، ولا يريد منا إلا صدق النية فيما عنده، هذا إذا صدق في عشرة أيام نال ما نال ذاك في عمره. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ١٨٦].

• وقال السري السقطي : تصفية العمل من الآفات أشد من العمل. (١)

[الحلية (تهذيبه) ٣/ ٢٨٧].


(١) قال ابن القيم : فلا إله إلا الله، كم في النفوس من عِلل وأغراض وحظوظ، تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة، وأن تصل إليه، وإن العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بشر ألبته وهو غير خالص لله، ويعمل العمل والعيون قد استدارت عليه نطاقًا وهو خالص لوجه الله، ولا يميز هذا إلا أهل البصائر وأطباء القلوب العالمون بأدوائها وعللها.

فبين العمل وبين القلب مسافة، وفي تلك المسافة: قُطَّاع تمنع وصول العمل إلى القلب، فيكون الرجل كثير العمل وما وصل منه إلى قلبه محبة، ولا خوف، ولا رجاء، ولا زهد في الدنيا، ولا رغبة في الآخرة، ولا نور يفرق به بين أولياءه وأعدائه، وبين الحق والباطل، ولا قوة في أمره، فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق، ورأى الحق والباطل، وأوجب له ذلك المزيد من الأحوال.
ثم بين القلب وبين الرب مسافة، وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه من كبر، وإعجاب، وإدلال، ورؤية العمل، ونسيان المِّنَّة، وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأى العجب العجاب، ومن رحمة الله تعالى سترها على أكثر العمال، إذ لو رأوها وعاينوها: لوقعوا فيما هو أشد منها من اليأس، والقنوط، وترك العمل، وفتور الهمة. ا. هـ بتصرف مدارج السالكين ٢/ ١٤، ١٥

<<  <   >  >>