فقال له: ويحك! إن نيتي فيك سيئة، وإني في كل وقت أريد أن أقبض عليك، وأصادرك مالك، فأراك في المنام تمنعني برغيف، وقد رأيتك في المنام من ليالٍ، وإني أريد القبض عليك، فجعلت تمتنع مني، فأمرت جندي أن يقاتلوك، فجعلوا كلما ضربوك بشيء من سهام وغيرها تتقي الضرب برغيف في يدك فلا يصل إليك شيء، فأعلمني ما قصة هذا الرغيف.
فقال: أيها الوزير إن أمي منذ كنت صغيرا، كل ليلة تضع تحت وسادتي رغيفا، فإذا أصبحت تصدقت به عني، فلم يزل كذلك دأبها حتى ماتت فلما ماتت، فعلت أنا ذلك مع نفسي فكل ليلة أضع تحت وسادتي رغيفا، ثم أصبح أتصدق به، فعجب الوزير من ذلك، وقال: والله لا ينالك مني بعد اليوم سوءً أبدا، ولقد حسنت نيتي فيك وقد أحببتك. [البداية والنهاية ١١/ ٢٢٤].
• وقال ابن الجوزي ﵀: بلغني عن قاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي أنه حكى أن الحريقَ وقع في دارهم، فأحرق ما فيها إلا كتابًا كان فيه شيء بخطِّ الإمام أحمد ﵀ قال: ولما وقع الغرق ببغداد في سنة ٥٥٤، وغرقت كتبي، سَلِم لي مجلدٌ فيه ورقتان بخطِّ الإمام.
قال الذهبي ﵀: وكذا استفاض وثبت أن الغرق الكائن بعد العشرين وسبع مئة ببغداد عامَ على مقابر مقبرة أحمد، وأن الماء دخل في الدهليز عُلُوَّ ذِراع، ووقف بَقُدرة الله، وبقيت الحصرُ حول قبر الإمام بغُبارها، وكان ذلك آية. [السير (تهذيبه) ٢/ ٩٣١].
• وقال أبو نُعيم: سمعت علي بن هارون - صاحب الجنيد - يحكي عن غير واحد من أصحاب خير النساج ﵀ ممن حضر موته قال: غشي عليه عند صلاة المغرب ثم أفاق فنظر إلى ناحية من باب البيت فقال: قف عافاك الله، فإنما أنت عبد مأمور، ما أمرت به لا يفوتك، وما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به ثم امض أنت لما أمرت به. فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد فمات ﵀، فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: لا تسألني عن هذا ولكن استرحت من دنياكم الوضرة. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ٤٠٥].