للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباعة إلى المسجد فما زال يصلي حتى إذا أتى على ما أراد التفت إليّ فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل من حاجة؟ قلت: ولِمَ، قال: لأني أريد الانصراف، قلت: إلى أين؟ قال: إلى الآخرة. قلت: لا تفعل، دعني أُسَرُّ بك. فقال لي: إنما كانت تطيب الحياة، حيث كانت المعاملة بيني وبينه تعالى فأما إذا اطلعت عليها أنت فسيطلع عليها غيرك فلا حاجة لي في ذلك، ثم خرَّ لوجهه، فجعل يقول: إلهي إقبضني إليك الساعة الساعة. فدنوت منه فإذا هو قد مات. فوالله ما ذكرته قط إلا طال حزني وصغرت الدنيا في عيني. [المنتظم ٨/ ٢٢٣ - ٢٢٥].

• وقال أبو التياح : كان الرجل يقرأ عشرين سنة لا يشعر به جيرانه. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٤٥٩].

• وعن ابن أبي عدي قال: صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، وكان خرازًا، يحمل معه غداه من عندهم، فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيًا فيفطر معهم. [الحلية (تهذيبه) ١/ ٤٦٤].

• وقال محمد بن الحسين: حدثني سليمان بن أيوب، عن بعض أشياخه قال: قام زبيد اليامي ذات ليلة ليتهجد، قال: فعمد إلى مِطْهرة له قد كان يتوضأ منها، فغمس يده في المطهرة، فوجد الماء باردًا شديدًا كاد يجمد من شدة برده، فذكر الزمهرير ويده في المطهرة، فلم يخرجها منها حتى أصبح، فجاءت الجارية وهو على تلك الحال، فقالت: ما شأنك يا سيدي لم تصلّ الليلة كما كنت تصلّي وأنت قاعد ها هنا على هذه الحال؟ قال: ويحكِ أدخلتُ يدي في هذه المطهرة، فاشتد عليّ برد الماء، فذكرت به الزمهرير، فوالله ما شعرت بشدّة بَرد يدي حتى وقفتِ عليّ، فانظري لا تحدّثي بها أحدًا ما دمت حيًا، قال: فما عَلم بذلك أحد حتى مات. [صفة الصفوة ٣/ ٦٩].

• وقال أبو عبد الله: صحبت محمد بن أسلم نيفًا وعشرين سنة لم أره يصلي ركعتي التطوع إلا يوم الجمعة، ولا يسبح ولا يقرأ حيث أراه، ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني. وسمعته يحلف مرارًا: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي فعلت، وكان يدخل بيتًا ويغلق بابه ويدخل معه كوزًا من ماء، فلم أدر ما يصنع، حتى سمعت ابنًا له صغيرًا يحكي بكاءه، فنهته أمه،

<<  <   >  >>