فقلت لها: ما هذا البكاء؟ فقالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه، وكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل، فلا يُرى عليه أثر البكاء، وكان يصل قومًا فيعطيهم ويبرهم ويكسوهم، فيبعث إليهم ويقول للرسول: انظر لا يعلمون مَنْ بعثه إليهم، ويأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ويخفي نفسه، فربما بليت ثيابهم ونفد ما عندهم ولا يدرون من الذي أعطاهم.
قال: ودخلت عليه يومًا قبل موته بأربعة أيام فقال لي: يا أبا عبد الله، تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير. قد نزل بي الموت وقد مَنَّ الله عليّ أنه ليس عندي درهم يحاسبني الله عليه وقد علم ضعفي، وأني لا أطيق الحساب فلم يدع لي شيئًا يحاسبني عليه، ثم قال: أغلق الباب ولا تأذن لأحد عليَّ حتى أموت، واعلم أني أخرج من الدنيا وليس عندي ميراث غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي، وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهمًا فقال: هذا لابني، أهداه إليه قريب له، ولا أعلم شيئًا أحل لي منه، لأن النبي ﷺ قال " أنت ومالك لأبيك " فكفنوني منها، فإن أصبتم لي بعشرة دراهم ما يستر عورتي فلا تشتروا لي بخمسة عشر، وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطّوا عليها بكسائي، وتصدقوا بإنائي، أعطوه مسكينًا يتوضأ فيه، ثم مات في اليوم الرابع وصلى عليه نحو من ألف ألف تقريبًا. [المنتظم ١١/ ٣٠٣، ٣٠٤]
• وقال وهيب بن الورد ﵀: لقي رجل فقيه رجلاً هو أفقه منه، فقال له: يرحمك الله، ما الذي أعلن من عملي؟ قال: يا عبد الله، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ٣٤].
• وعن الحسن البصري ﵀ قال: إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام. [الزهد للإمام أحمد / ٤٤٨].
• وقال أيضًا ﵀: يا ابن آدم إن لك قولاً وعملاً، وسرًا وعلانية، وعملك أولى بك من قولك، وسرك أولى بك من علانيتك. [الزهد للإمام أحمد / ٤٧٦].
• وعن الربيع بن صبيح قال: كنا عند الحسن البصري ﵀ فوعظ فانتحب رجل فقال الحسن: أما والله ليسألنك الله ﷿ يوم القيامة: ما أردت