فابتدأ بجكم فعمل بما قال له، وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة، وببغداد مارستان ورفق بالرعية إلا أن مدته لم تطل. [المنتظم ١٤/ ١٠ - ١٢].
• وقال ابن القلانسي: سمعت الشيخ تقيَّ الدين ﵀ يذكر ما كان بينه وبين السلطان من الكلام لما انفردا في ذلك الشباك الذي جلسا فيه، وأن السلطانَ استفتى الشيخ في قتل بعض القضاة بسبب ما كانوا تكلموا فيه، وأخرج له فتاوى بعضهم بعزله من الملك ومبايعة الجاشْنَكير، وأنهم قاموا عليك وآذوْك أنت أيضًا! وأخذ يحُثُّه بذلك على أن يفتيه في قتل بعضهم - وإنما كان حنقُه عليهم بسبب ما كانوا سعوا فيه من عزله ومبايعة الجاشنكير - ففهم الشيخ مراد السلطانِ، فأخذ في تعظيم القضاةِ والعلماء، وينكرُ أنْ ينال أحدًا منهم سوءٌ، وقال له: إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم. فقال له: إنهم قد آذوك؛ وأرادوا قتْلَك مرارًا، فقال الشيخُ: من آذاني فهو في حِلٍّ، ومن آذى الله ورسوله فاللهُ ينتقمُ منه، وأنا لا أنتصر لنفسي، وما زال به حتى حلُم عنهم وصفح.
قال: وكان قاضي المالكية ابن مخلوف يقول: ما رأينا مثل ابنِ تَيْميَّةَ، حرَّضْنا عليه، فلم نَقْدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجَجَ عنا. [البداية والنهاية ١٤/ ١٢٩].
• وقال ابن القيم ﵀: وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه. وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم.
وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتَنكَّر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام. فسروا به ودعوا له، وعظموا هذه الحال منه، فرحمه الله ورضي عنه. [مدارج السالكين ٣/ ١٣٩].